قوله تعالى : (وَلَكُمْ فِيها جَمالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ) (٦) ؛ أي ولكم فيها منظر حسن ، يقال : هذه مواشي فلان ، فيكون له في ذلك جمال ، قال قتادة : (وذلك أعجب ما يكون إذا راحت عظاما ضروعها طوالا أسنمتها) (١) ، وقوله تعالى : (حِينَ تُرِيحُونَ) أي حين تريحونها في العشيّ من مراعيها إلى مباركها التي تأوي إليها ، (وَحِينَ تَسْرَحُونَ) أي تخرجون بها بالغداة من مراحها إلى مسارحها.
قوله تعالى : (وَتَحْمِلُ أَثْقالَكُمْ إِلى بَلَدٍ لَمْ تَكُونُوا بالِغِيهِ إِلَّا بِشِقِّ الْأَنْفُسِ) ؛ أراد به الإبل تحمل أمتعتكم وزادكم ، وما يثقل عليكم إلى بلد قصدتموه للحجّ إلى مكّة ، أو تجارة إلى سائر البلدان ، لو لا الإبل لكان لا يمكنكم بلوغ تلك البلد إلا بجهد ومشقّة. وقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكُمْ لَرَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٧) ؛ أي متفضّل منعم عليكم.
قوله تعالى : (وَالْخَيْلَ وَالْبِغالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوها وَزِينَةً) ؛ أي وخلق لكم الخيل والبغال والحمير ؛ لتركبوها وتتزيّنوا بها زينة ، فيحصل لكم منافعها ، وحسن منظرها للناس ، كما قال تعالى : (الْمالُ وَالْبَنُونَ زِينَةُ الْحَياةِ الدُّنْيا)(٢). قوله تعالى : (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ) (٨) ؛ أي يخلق أشياء لا تعرفونها لم يسمّها لكم.
روي عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : [إنّ الله تعالى خلق أرضا بيضاء مثل الدّنيا ثلاثين مرّة محشوّة خلقا من خلق الله ، لا يعلمون أنّ الله يعصى طرفة عين] قالوا : يا رسول الله أمن ولد آدم هم؟ قال : ما يعلمون أنّ الله خلق آدم؟] قالوا : فأين إبليس عنهم؟ قال : ما يعلمون أنّ الله خلق إبليس] ثمّ قرأ رسول الله صلىاللهعليهوسلم (وَيَخْلُقُ ما لا تَعْلَمُونَ)(٣).
__________________
(١) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٠ ص ٧١ ؛ حكاه القرطبي بلفظ : (ولأنّها إذا راحت توفّر حسنها وعظم شأنها وتعلّقت القلوب بها ؛ لأنّها إذ ذاك أعظم ما تكون أسنمة وضروعا). واللفظ في المتن أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦٢١٣).
(٢) الكهف / ٤٦.
(٣) بمعناه في الدر المنثور : ج ٥ ص ١١٣ ؛ قال السيوطي : (أخرجه ابن مردويه عن ابن عباس وذكره). وفي الجامع لأحكام القرآن : ج ١٠ ص ٨٠ عزاه القرطبي قال : ذكره الماوردي.