قوله تعالى : (وَاللهُ يَعْلَمُ ما تُسِرُّونَ وَما تُعْلِنُونَ (١٩ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ؛) يعني الأصنام ، (لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) (٢٠) ؛ والله تعالى هو الخالق لها. قوله : (أَمْواتٌ غَيْرُ أَحْياءٍ ؛) يعني الأصنام ، والمعنى : كيف تخلق شيئا ، وهي أموات لا روح لها.
وإنما جمع بين قوله (أَمْواتٌ) وبين قوله (غَيْرُ أَحْياءٍ) لأنه يقال : فلان ميّت وإن كان حيّا ، إذا كان لا ينتفع به ، فكأنّ الله تعالى بيّن أنه لم يسمّ الأصنام أمواتا من حيث أنه لا ينتفع بها ، ولكن لأنه لا حياة فيها ، فكيف يعبدون ما لا يخلق وما لا يرزق ولا ينفع ، وهو مع ذلك من الأموات.
قوله تعالى : (وَما يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ) (٢١) ؛ أي وما تشعر الأصنام متى يبعث الناس من القبور فيحاسبون ، فكيف يرجو الكفار الجزاء من قبل الأصنام ، و (أَيَّانَ) كلمة اختصار أصلها (أيّ) و (أنّ).
قوله تعالى : (إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) ؛ وهو عزوجل ، (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ) ؛ للحقّ ، (وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) (٢٢) ؛ وهم متعظّمون عن قبول الحقّ أنفة من اتّباعه واتّباعك.
قوله تعالى : (لا جَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ ؛) أي حقّا إنّ الله يعلم سرّهم وعلانيتهم ، (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) (٢٣).
قوله : (وَإِذا قِيلَ لَهُمْ ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ ؛) أي إذا قيل لهؤلاء الكفار : ما الذي يدّعي محمّد صلىاللهعليهوسلم أنه ينزل عليه من الله ، (قالُوا أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) (٢٤) أي الذي تذكرون أنه منزل كلام الأولين ، وما يسطّرون في كتبهم من الأخبار والأقاصيص.
قوله تعالى : (لِيَحْمِلُوا أَوْزارَهُمْ ؛) أي آثامهم ، (كامِلَةً ؛) أي وافرة ، (يَوْمَ الْقِيامَةِ ؛) ليحملوا ، (وَمِنْ أَوْزارِ ؛) أي آثام ، (الَّذِينَ يُضِلُّونَهُمْ ،) يصرفونهم عن محمّد صلىاللهعليهوسلم والقرآن ، (بِغَيْرِ عِلْمٍ ،) بلا علم ولا حجّة ، يعني يكون عليهم إثم إضلالهم غيرهم لا أن يحملوا ذنوب غيرهم ، كما