قال الله تعالى : (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى)(١). وقوله تعالى : (أَلا ساءَ ما يَزِرُونَ) (٢٥) ؛ ظاهر المعنى.
وقوله تعالى : (قَدْ مَكَرَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَأَتَى اللهُ بُنْيانَهُمْ مِنَ الْقَواعِدِ ؛) أي قد مكر الذين من قبل هؤلاء بأنبيائهم ، كما مكر هؤلاء المقتسمون الذين اقتسموا أعقاب مكّة ؛ ليصدّوا الناس عن دين الله ، فأتى الله بنيان أولئك من القواعد بالعذاب ، (فَخَرَّ ،) فوقع ، (عَلَيْهِمُ السَّقْفُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَأَتاهُمُ الْعَذابُ ؛) الهدم والاستئصال ، (مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ) (٢٦) ؛ بإتيان العذاب منه.
وقد اختلفوا في هؤلاء الذي خرّ عليهم السقف ، قال بعضهم : هو نمرود بن كنعان الذي بنى صرحا طوله خمسة آلاف وخمسون ذراعا ، وعرضه عرض ثلاثة آلاف وخمسون ذراعا ؛ ليصعد إلى السّماء ، فوقع الصرح على الذي كانوا فيه ، وأهلك الله نمرود بالبعوض. وقال بعضهم : هذا على وجه المثل ، فكأنه جعل أعمالهم بمنزل الباني بناء سقط عليه.
قوله تعالى : (ثُمَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكائِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَاقُّونَ فِيهِمْ ؛) تشركونهم معي في العبادة ، وقوله تعالى : (قالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ؛) أي قال المؤمنون : (إِنَّ الْخِزْيَ الْيَوْمَ وَالسُّوءَ عَلَى الْكافِرِينَ) (٢٧) إنّ الذّلّ اليوم والهوان على الكافرين ، (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظالِمِي أَنْفُسِهِمْ) تقبض أرواحهم في حال ظلمهم لأنفسهم بالكفر ، (فَأَلْقَوُا السَّلَمَ ،) واستسلموا وانقادوا للمذلّة والهوان ، يقولون : (ما كُنَّا نَعْمَلُ مِنْ سُوءٍ ؛) أي من معصية في الدّنيا ، فيقول المؤمنون : (بَلى ؛) قد فعلتم ذلك ، (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٢٨) ؛ وتقول لهم خزنة جهنّم ، (فَادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَلَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) (٢٩) ؛ عن توحيد الله وعبادته.
__________________
(١) الأنعام / ١٦٤.