قوله تعالى : (وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً ؛) قال ابن عبّاس : (وذلك أنّ أهل مكّة لمّا بعثوا إلى أعقاب مكّة رجالا ؛ ليصدّوا النّاس عن دين الله ، بعث النّبيّ صلىاللهعليهوسلم رجالا من أصحابه : عبد الله بن مسعود وغيره ، فكان وافد النّاس إذا قدم فردّه الكفّار عن النّبيّ صلىاللهعليهوسلم وعن الإيمان ، سأل أصحاب النّبيّ صلىاللهعليهوسلم : (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ؟ قالُوا : خَيْراً) أي أنزل حقّا وصوابا).
وعلى هذا انتصب قوله (خَيْراً) ، وإنما ارتفع قوله في جواب المقتسمين من كفّار مكّة (أَساطِيرُ الْأَوَّلِينَ) لأنّهم كانوا لا يقرّون بإنزاله ، بل كانوا يقولون على جهة التكذيب هو أساطير الأولين.
قوله تعالى : (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا فِي هذِهِ الدُّنْيا حَسَنَةٌ ؛) أراد بالحسنة الثناء والمدح على ألسنة المؤمنين ، وقيل : للّذين قالوا لا إله إلا الله يضعّف له بعشر ، (وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ ؛) يعني الجنّة خير مما يصل إليهم في الدّنيا ، (وَلَنِعْمَ دارُ الْمُتَّقِينَ) (٢٠).
ثم فسّر دار المتّقين فقال : (جَنَّاتُ عَدْنٍ ؛) أي بساتين إقامة ، (يَدْخُلُونَها ،) يوم القيامة ، (تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا ؛) أي من تحت أشجارها ، (الْأَنْهارُ لَهُمْ فِيها ما يَشاؤُنَ كَذلِكَ يَجْزِي اللهُ ؛) كذلك تكون مجازاة الله ، (الْمُتَّقِينَ) (٣١) ؛ للشّرك والمعاصي.
قوله تعالى : (الَّذِينَ تَتَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ؛) عند قبض أرواحهم ، (طَيِّبِينَ ؛) أي زاكية أعمالهم متمسّكين بما أمروا به مجتنبين لما نهوا عنه ، طّيبة أرواحهم بما يبشّرون به من الجنّة ، (يَقُولُونَ ؛) أي يقول لهم الملائكة : (سَلامٌ عَلَيْكُمْ ادْخُلُوا الْجَنَّةَ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (٣٢) ؛ في الدّنيا.
قوله تعالى : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلائِكَةُ ؛) أي ما ينظر أهل مكّة في تكذيبهم للرّسول واستبطائهم العذاب ، إلّا أن تأتيهم الملائكة لقبض أرواحهم ، (أَوْ يَأْتِيَ أَمْرُ رَبِّكَ ؛) بعذاب الاستئصال ، (كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ؛) هؤلاء الكفار من تكذيب الرّسل مثل ما فعل هؤلاء فعذبهم الله (وَما