ظَلَمَهُمُ اللهُ ؛) بذلك ، (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ ؛) (٣٣) ظلموا أنفسهم حيث فعلوا ما استوجبوا به العذاب.
قوله تعالى : (فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما عَمِلُوا ؛) أي عقاب ما عملوا ، أراد بالسّيئات العقاب كما قال تعالى : (وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها)(١)(وَحاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ) (٣٤) ؛ أي وحلّ بهم ما كانوا يستهزئون به من العذاب.
قوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما عَبَدْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ نَحْنُ وَلا آباؤُنا وَلا حَرَّمْنا مِنْ دُونِهِ مِنْ شَيْءٍ ؛) هذا نظير الآية التي في الأنعام (سَيَقُولُ الَّذِينَ أَشْرَكُوا لَوْ شاءَ اللهُ ما أَشْرَكْنا)(٢) قد تقدّم تفسيره ، يعني كفار أهل مكّة.
وقوله تعالى : (كَذلِكَ فَعَلَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ؛) من الأمم الماضية من تكذيب الأنبياء مثل ما فعل هؤلاء ، فلم يكن ذلك حجّة لهم ، (فَهَلْ عَلَى الرُّسُلِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ) (٣٥) ؛ عن الله بلغة يعرفونها. وقال بعضهم : إنما قالوا هذا القول استهزاء وسخرية كما قال قوم شعيب : أتنهانا عمّا كان يعبد آباؤنا.
قوله : (وَلَقَدْ بَعَثْنا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً ؛) كما بعثناك رسولا في هؤلاء ، (أَنِ اعْبُدُوا اللهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ ؛) أي اجتنبوا الشيطان وعبادة كلّ ما تعبدون من دون الله ، (فَمِنْهُمْ مَنْ هَدَى اللهُ وَمِنْهُمْ مَنْ حَقَّتْ عَلَيْهِ الضَّلالَةُ) أي الكفر. قوله تعالى : (فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ ؛) أي في أرض الذين عاقبهم الله ، (فَانْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ) (٣٦) ؛ أي كيف صار عاقبة مكرهم.
قوله تعالى : (إِنْ تَحْرِصْ عَلى هُداهُمْ) ؛ أي إن تطلب يا محمّد من جهتك هداهم ، (فَإِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ يُضِلُّ ؛) أي يحكم عليه بالضّلالة ، ومن يضلله الله فلا يهدي ولا يهتدي ، (وَما لَهُمْ مِنْ ناصِرِينَ) (٣٧) ؛ أي من يدفع عنهم العذاب.
__________________
(١) الشورى / ٤٠.
(٢) الآية / ١٤٨.