قوله تعالى : (وَأَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ لا يَبْعَثُ اللهُ مَنْ يَمُوتُ ؛) أي حلف الكفار بالله مجتهدين في اليمين : أنه لا يبعث الله من يموت ، وقوله تعالى : (بَلى وَعْداً عَلَيْهِ حَقًّا ؛) أي قل : بلى ، وقيل : إنّ الله تولّى الجواب بنفسه ، كأنه قال : ليبعثهم بعد الموت وعدا عليه.
انتصب قوله (حَقًّا) على المصدر ؛ أي وعد وعدا حقّا كأنّما أوجبه على نفسه ، (وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) (٣٨) ؛ أنه حقّ.
قوله تعالى : (لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ ؛) معناه : يبعثهم لكي يبيّن لهم ما يختلفون فيه من الدّين (وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كانُوا كاذِبِينَ) (٣٩) في الدّنيا بأن لا جنة ولا نار.
قوله تعالى : (إِنَّما قَوْلُنا لِشَيْءٍ إِذا أَرَدْناهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) (٤٠) أي إنّما أمرنا في البعث وغيره إذا أردنا أن نقول له : كن ؛ فيكون. من رفع (فَيَكُونُ) معناه : فهو يكون ، ومن نصب فعلى جواب كن ، وقيل : عطفا على (أَنْ نَقُولَ).
قوله تعالى : (وَالَّذِينَ هاجَرُوا فِي اللهِ مِنْ بَعْدِ ما ظُلِمُوا ؛) قال ابن عبّاس : (نزلت هذه الآية في عمّار بن ياسر وصهيب وبلال وأصحابه الّذين هاجروا إلى المدينة من بعد ما عذبهم أهل مكّة).
والمعنى : والذين هجروا أوطانهم في طاعة الله ، وساروا إلى النبيّ صلىاللهعليهوسلم من بعد ما ظلمهم الكفار ، (لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيا حَسَنَةً ،) أرضا كريمة وهي المدينة بدل أوطانهم ، (وَلَأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ ؛) لهم مما أعطيناهم في الدّنيا ، (لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ) (٤١) ؛ يعلم الكفّار.
ثم وصفهم فقال : (الَّذِينَ صَبَرُوا ؛) يعني على الشّدائد والعبادات ، وصبروا عن المحرّمات ، (وَعَلى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) (٤٢) ؛ في طلب الدّين والدّنيا.
قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ ؛) نزلت جوابا لأهل مكّة حين قالوا : لو أراد الله أن يبعث إلينا رسولا لبعث رسولا من الملائكة لا