قوله تعالى : (لِكَيْ لا يَعْلَمَ بَعْدَ عِلْمٍ شَيْئاً ؛) أي لكي يصير كالصبيّ الذي لا عقل له ، وقال السديّ : (أرذل العمر الخرف) (١) ، وقال قتادة : (تسعون سنة) وعن عليّ رضي الله عنه : (أنّ أرذل العمر خمس وسبعون سنة) (٢). قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ قَدِيرٌ) (٧٠) ؛ أي عليم بكلّ شيء ، قادر على تحويل الأحوال.
قوله تعالى : (وَاللهُ فَضَّلَ بَعْضَكُمْ عَلى بَعْضٍ فِي الرِّزْقِ ؛) أي في المال والخدم والنّعم ، وجعل بعضكم سادة وبعضكم مماليك ، (فَمَا الَّذِينَ فُضِّلُوا ؛) أي فما أرباب الأخدام وفضّلوا ، (بِرَادِّي رِزْقِهِمْ عَلى ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ ؛) أي المماليك ، (فَهُمْ فِيهِ سَواءٌ ،) فيسوّونهم مع أنفسهم في الملك.
فإذا لم ترضوا في الحكمة أن يشرككم مماليككم أيبطلوا فضلكم؟ فكيف يرضى الله من خلقه أن يجعلوا له شريكا في الملك من خلقه ، وهذا مثل ضربه الله للمشركين فقال : إذا لم يكن عبيدكم معكم سواء في الملك فكيف يجعلون عبادي معي سواء؟
قوله تعالى : (أَفَبِنِعْمَةِ اللهِ يَجْحَدُونَ) (٧١) ؛ أي أتصفون نعمة الله إلى غيره وتشكرونه عليها فتجحدون نعمة الله ، فإنّ من أضاف النعمة إلى غير المنعم وشكر عليها فقد جحد النّعمة.
قوله تعالى : (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً ؛) أي جعل لكم من جنسكم نساء ، (وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْواجِكُمْ ؛) أي من نسائكم ؛ (بَنِينَ وَحَفَدَةً ،) قيل : إن الحفدة الأختان ، وقيل : ولد الولد ، وقيل : الخدم ، وحقيقة الحفدة من يعاون على ما يحتاج ، سرعة من الحفد والإسراع ، ويقال لكلّ من أسرع في الخدمة والعمل : حفدة ، ومنه قولهم في دعاء الوتر (نسعى ونحفد) أي نسرع في طاعتك.
__________________
(١) أخرجه ابن أبي حاتم في التفسير : الأثر (١٢٥٧٧).
(٢) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (١٦٤٢٥).