قَوْمٍ هادٍ) (٧) ؛ من جعل هذه الواو للجمع فوصلها بما قبلها كان تقدير الكلام : إنما أنت منذر وهاد لكلّ قوم. ومن قطع هذه الواو كان المعنى : لكلّ قوم هاد ؛ أي نبيّ مثلك يهديهم. وقال سعيد بن جبير والضحّاك : (الهادي هو الله) ، والمعنى : أنت منذر تنذر ، والله هادي كلّ قوم ، يهدي من يشاء.
قوله تعالى : (اللهُ يَعْلَمُ ما تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثى ؛) يعني من علقة أو مضغة أو ذكر أو أنثى أو كامل الخلق أو ناقص الخلق أو واحد أو اثنين أو أكثر. قوله تعالى : (وَما تَغِيضُ الْأَرْحامُ وَما تَزْدادُ ؛) أي وما تنقص من الأشهر التسعة في الحمل وما تزداد عليهما ، فإن الولد قد يولد في ستّة أشهر فيعيش ، ويولد لسنتين فيعيش ، وقال الحسن : (وما تنقص بالسّقط ، وما تزداد بالتّمام) (١). والغيض هو النّقصان.
قوله تعالى : (وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ) (٨) ؛ أي بحدّ لا يجاوزه ولا ينقص منه ، ويدخل الولد فيه لأنه قد قدّر أجل حياته وموته ، وصحّته ومرضه ، ونقصان عقله وكماله ، وقدّر له ما جرى من رزق وما سيكون منه من طاعة ومعصية وولد وغير ذلك.
قوله تعالى : (عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) (٩) ؛ أي عالم ما غاب عن العباد ، وما علمه العباد. وقيل : الغيب ما يكون ، والشّهادة ما كان. الكبير : السيد الكامل المالك المقتدر على كلّ شيء ، المتعال عمّا يقول المشركون.
قوله تعالى : (سَواءٌ مِنْكُمْ مَنْ أَسَرَّ الْقَوْلَ وَمَنْ جَهَرَ بِهِ ؛) أي سواء من أخفى القول وكتمه ، ومن جهر به وأظهره ، فالسّرّ والجهر عند الله سواء. قوله تعالى : (وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) (١٠) ؛ أي ومن هو مستتر متوار بالليل ، (وَسارِبٌ بِالنَّهارِ) أي ظاهر في الطّرقات ، علم الله فيهم سواء.
قال الزجاج : (معنى الآية : الجاهر بنطقه ، والمضمر في نفسه ، والظّاهر في الطّرقات والمستخفي في الظّلمات ، علم الله فيهم جميعا سواء). ومعنى السّارب :
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الآثار (١٥٣٣١) بألفاظ عديدة.