ولا نأمن على أهلنا) (١). فكذبهم الله تعالى وأعلم أنّ قصدهم الهرب ، فقال عزوجل : (وَما هِيَ بِعَوْرَةٍ إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا فِراراً) (١٣) ؛ من القتال ونصرة المؤمنين.
وقرأ ابن عبّاس وأبو رجاء : (إنّ بيوتنا عورة) بكسر الواو ؛ أي قصيرة الجدران ، فيها خلل وفرجة. قال الزجّاج : (يقال : عور المكان يعورّ عورا وعورة ، وبيوت عورة وعورة ، وهي مصدر). والعورة في اللغة : ما ذهب عنه السّتر والحفظ ، تقول العرب : اعورّ الفارس إذا كان فيه موضع خلل للضّرب ، وعور المكان إذا بدت منه عورة. قال الشاعر :
متى تلقهم ، لا تلق للبيت عورة |
|
ولا الضّيف محروما ولا الجار مرملا (٢) |
يقال : أرمل القوم إذا فرغ زادهم (٣).
قوله تعالى : (وَلَوْ دُخِلَتْ عَلَيْهِمْ مِنْ أَقْطارِها ؛) أي لو دخلت المدينة على هؤلاء المنافقين من أطرافها ، يعني : لو دخل عليهم هؤلاء الأحزاب من نواحيها ، (ثُمَّ سُئِلُوا الْفِتْنَةَ لَآتَوْها ؛) أي ثم دعوا إلى الشّرك لأجابوها سريعا وأعطوها من أنفسهم. والمعنى : لو أنّ الأحزاب دخلوا المدينة ، ثم أمروهم بالشّرك لأشركوا.
وقرأ أهل المدينة (لأتوها) بالقصر ؛ أي لفعلوها بأنفسهم ، (وَما تَلَبَّثُوا بِها إِلَّا يَسِيراً) (١٤) ؛ أي وما يلبثون بإجابتها إلّا قليلا حتى يقبلوا. قال قتادة : (وما احتبسوا عن الإجابة إلى الكفر إلّا قليلا) ، ويقال : ما يتلبّثون بالمدينة بعد إجابتهم إلّا يسيرا حتى يهلكوا.
__________________
(١) أخرجه الطبري في جامع البيان : الأثر (٢١٦٣).
(٢) في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٤ ص ١٤٨ :
متى تلقهم ، لا تلق للبيت معورا |
|
ولا الضّيف مفجوعا ولا الجار مرملا |
(٣) المرمل : الذي نفذ زاده ؛ ومنه حديث أبي هريرة : كنّا مع النّبيّ صلىاللهعليهوسلم في غزاة ، فأرملنا وأنفضنا. وحديث أمّ معبد : [وكان القوم مرملين] أي نفذ زادهم. ينظر : تهذيب اللغة للأزهري : ج ١٠ ص ١٤٩. ولسان العرب لابن منظور : ج ٥ ص ٣٢١. والروض الأنف : ج ٢ ص ٣٢٦.