فقوله : (سُنَّةَ اللهِ) منصوب بنزع الخافض ، وقوله تعالى : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) (٣٨) ؛ أي قضاء مقضيّا ، أخبر الله تعالى أن أمر زينب كان من حكم الله وقدره.
قوله تعالى : (الَّذِينَ يُبَلِّغُونَ رِسالاتِ اللهِ وَيَخْشَوْنَهُ ؛) موضع (الَّذِينَ) الخفض ؛ لأنه نعت الأنبياء عليهمالسلام الذين خلوا من قبل ، كانوا يبلّغون الرسالة ، (وَلا يَخْشَوْنَ أَحَداً إِلَّا اللهَ) ، ويخشون الله ولا يخشون أحدا سواه ، أي لا يخشون مقالة الناس ، (وَكَفى بِاللهِ حَسِيباً) (٣٩) ؛ أي مجازيا لمن يخشاه ، وقيل : حفيظا لأعمال العباد ، مجازيا لهم.
قوله تعالى : (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ ؛) وذلك أنّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم لمّا تزوّج زينب ، قال النّاس : إنّ محمّدا تزوّج امرأة ابنه! فأنزل الله تعالى (ما كانَ مُحَمَّدٌ أَبا أَحَدٍ مِنْ رِجالِكُمْ) ، يعني أنّه ليس بأبي زيد حتى تحرم عليه زوجته ، (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ ؛) فعظّموه وأقرّوا به (١).
قرأ الحسن وعاصم (وَخاتَمَ النَّبِيِّينَ) بفتح التاء ؛ أي آخر النّبيّين ، وقرأ الباقون بكسر التّاء على الفاعل ؛ أي إنه ختم النّبيين بالنبوّة ، (وَكانَ اللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً) (٤٠) ؛ أي لم يزل عالما بكلّ شيء من أقوالكم وأفعالكم.
قوله تعالى : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللهَ ذِكْراً كَثِيراً (٤١) وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلاً) (٤٢) ؛ اختلفوا في المراد بالذّكر الكثير في هذه الآية. قال الكلبيّ : (المراد به الصّلوات الخمس ، وهي تتضمّن أذكارا كثيرة ، وأراد بالتّسبيح التّنزيه في الصّلاة). وقال مجاهد : (هو أن لا ينساه أبدا). وقال مقاتل : (هو التّسبيح والتّحميد والتّهليل والتّكبير على كلّ حال ، وهو أن يقول : سبحان الله ؛ والحمد لله ؛ ولا إله إلّا الله ؛ والله أكبر. وهذه الكلمات يتكلّم بهنّ صاحب الجنابة والغائط والحدث) (٢).
__________________
(١) ذكره البغوي في معالم التنزيل : ص ١٠٤٤. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٤ ص ١٩٦.
(٢) قال بعضه مقاتل كما في التفسير : ج ٣ ص ٤٩ ، ونقل عنه ابن أبي حاتم بعضه كما في التفسير الكبير : ج ٩ ص ٣١٣٨ : الأثر (١٧٧٠٢).