قوله تعالى : (مِنْ وَرائِهِمْ جَهَنَّمُ ؛) أي لهم من بعد موتهم جهنّم ، (وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ ما كَسَبُوا شَيْئاً ؛) ولا ينفعهم ما كسبوا من الأموال والأولاد شيئا ، (وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ ؛) أربابا في دفع شيء من عذاب الله ، (وَلَهُمْ ؛) في الآخرة ؛ (عَذابٌ عَظِيمٌ) (١٠) ؛ كلّ ذلك للنّضر بن الحارث وأمثاله.
وقوله : (هذا هُدىً ؛) أي هذا القرآن بيان للحقّ من الباطل في كلّ ما يحتاج إليه من أمر الدّين والدّنيا ، (وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ رَبِّهِمْ ؛) الله أي جحدوا دلائل الله ، (لَهُمْ عَذابٌ مِنْ رِجْزٍ أَلِيمٌ) (١١) ؛ أي عذاب من عذاب وجيع يخلص وجعه إلى قلوبهم ، وقرئ (أَلِيمٌ) بالرفع على نعت العذاب ، وبالكسر على نعت الرّجز.
قوله تعالى : (اللهُ الَّذِي سَخَّرَ لَكُمُ الْبَحْرَ لِتَجْرِيَ الْفُلْكُ فِيهِ بِأَمْرِهِ ؛) أي هو الّذي ذلّل لكم البحر بتسهيل السبيل إلى سلوكها باتّخاذ السّفن وإصلاحها ، (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١٢) ، وباقي الآية قد تقدّم تفسيرها.
قوله تعالى : (وَسَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ) ؛ من شمس وقمر ونجوم ومطر وثلج وبرد ، (وَما فِي الْأَرْضِ) ؛ من دابّة وشجر ونبات وثمار وأنهار ، ومعنى سخّره لنا : هو أنّه خلقها لانتفاعنا بها على الوجه الذي يريده. قوله تعالى : (جَمِيعاً مِنْهُ) ؛ أي الكلّ رحمة منه وبفضله ومنّه ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (١٣) ؛ في صنع الله وإحسانه ، فيوحّدونه.
قوله تعالى : (قُلْ لِلَّذِينَ آمَنُوا يَغْفِرُوا لِلَّذِينَ لا يَرْجُونَ أَيَّامَ اللهِ ؛) نزلت في عمر رضي الله عنه : شتمه رجل من بني غفار بمكّة ، فهمّ أن يبطش به ، فأمره الله بالعفو والتّجاوز (١). والمعنى : قل للّذين آمنوا اغفروا ، ولكنه شبّهه بالشرط والجزاء كقوله تعالى : (قُلْ لِعِبادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلاةَ)(٢).
__________________
(١) قاله مقاتل في التفسير : ج ٣ ص ٢١٢.
(٢) إبراهيم / ٣١.