وقيل : إنّ هذه الآية نزلت في عتبة بن ربيعة وأخيه شيبة ، وفي الوليد بن عتبة وغير الذين بارزوا عليّا وحمزة وعبيدة بن الحارث يوم بدر ، فقتلوا على أيديهم يومئذ (١).
قوله تعالى : (مَنْ كانَ يَرْجُوا لِقاءَ اللهِ ؛) أي من كان يطمع في الثّواب ويخشى العقاب ويخاف الحساب ، فليبادر إلى طاعة الله قبل الموت ، (فَإِنَّ أَجَلَ اللهِ لَآتٍ ؛) أي فإن أجل الموت لآت لمن يرجو ، ولمن لا يرجو ، وإنّ ثواب العمل الصالح لقريب ، (وَهُوَ السَّمِيعُ ؛) لمقالة الكفّار والمؤمنين ، (الْعَلِيمُ) (٥) ؛ بما يستحقّه كلّ واحد منهم. وقيل : إنّ النّبيّ صلىاللهعليهوسلم لمّا نزلت هذه الآية قال : [يا عليّ ؛ يا فاطمة : إنّ الله قد أنزل : من كان يرجو لقاء الله فإنّ أجل الله لآت ، وإنّ حقيقة رجاء لقاء الله أن يستعدّ الإنسان لأجل الله إذا كان آتيا باتّباع طاعته واجتناب معاصيه](٢).
قوله تعالى : (وَمَنْ جاهَدَ فَإِنَّما يُجاهِدُ لِنَفْسِهِ ؛) أي من يعمل الخير فإنّما يعمل لنفسه ، (إِنَّ اللهَ لَغَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ) (٦) ؛ أي عن أعمالهم وعبادتهم ، (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ ؛) بالإيمان والتوبة ، ومعنى (لَنُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) أي لنبطلنّها حتى كأنّها لم تعمل ، (وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَحْسَنَ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) (٧) ؛ أي نجزيهم بأحسن أعمالهم وهي الطاعة ، ولا نجزيهم بمساوئ أعمالهم.
قوله تعالى : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ حُسْناً وَإِنْ جاهَداكَ لِتُشْرِكَ بِي ما لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ فَلا تُطِعْهُما ؛) نزلت هذه الآية في سعد بن أبي وقّاص ، وكان بارّا بأمه ، فلما أسلم قالت له أمّه حمنة بنت أبي سفيان بن أميّة : يا سعد ؛ بلغني أنّك قد صبأت! فو الله لا يظلّني سقف بيت ، وإنّ الطّعام والشّراب عليّ حرام حتّى تكفر بمحمّد صلىاللهعليهوسلم فأنزل الله هذه الآية.
__________________
(١) ذكره مقاتل في التفسير : ج ٢ ص ٥١١. والقرطبي في الجامع لأحكام القرآن : ج ١٣ ص ٣٢٦.
(٢) لم أقف عليه.