عنه ويتنصف بالرق عند أبي حنيفة رضي الله عنه ويعتبر رق المرأة ، ومالك يعتبر رق الزوج (١).
(وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلاقَ فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٢٧))
(وَإِنْ عَزَمُوا) أي أقعوا (الطَّلاقَ) بترك الجماع في المدة (فَإِنَّ اللهَ سَمِيعٌ) لمقالتهم بكلمة الإيلاء منهم (عَلِيمٌ) [٢٢٧] بنياتهم منه.
(وَالْمُطَلَّقاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلاثَةَ قُرُوءٍ وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذلِكَ إِنْ أَرادُوا إِصْلاحاً وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (٢٢٨))
(وَالْمُطَلَّقاتُ) لفظه (٢) مطلق (٣) في تناول الجنس يصلح (٤) لكله (٥) وبعضه فأريد به البعض هنا ، أي النساء اللاتي طلقن وهن مدخول بهن (يَتَرَبَّصْنَ) أي ينتظرن ، خبر بمعنى الأمر ، أي ليتربصن (بِأَنْفُسِهِنَّ) فلا يتزوجن ، وفي ذكر الأنفس زيادة بعث لهن على التربص ، لأن أنفس النساء طوامح إلى الرجال غالبا فأمرن أن يقهرن أنفسهن ويخبرنها على أن ينتظرن لوجوب العدة عليهن (ثَلاثَةَ قُرُوءٍ) أي مضى ثلثة أقراء ، ونصبها مفعول به ، وضع الجمع الكثرة موضع جمع القلة ، والقرء بضم القاف والفتح (٦) هو الطهر عند الشافعي ، والحيض عند أبي حنيفة ، أي ثلثة أطهار أو ثلث حيض ، ويظهر فائدة الخلاف في المعتدة إذا شرعت في الحيضة الثالثة ، فعند الشافعي رحمهالله انقضت عدتها ، وعند أبي حنيفة رضي الله عنه لا تنقضي عدتها حتى تنقضي الحيضة الثالثة ، قوله (وَلا يَحِلُّ لَهُنَّ) نزل في شأن المطلقة التي تحت زوجها بالطلاق الرجعي (٧) وتريد فراق زوجها فتكتم (٨) حملها لئلا ينتظر بطلاقها أن تضع ولئلا يشفق على الولد فيترك تسريحها أو تكتم حيضها وهي حائض وتقول قد ظهرت استعجالا للطلاق ، لأن الطلاق السني إنما يكون في الطهر لا في الحيض ، أي لا يباح للمطلقات (أَنْ يَكْتُمْنَ) أي يخفين (ما خَلَقَ اللهُ فِي أَرْحامِهِنَّ) من الحبل والحيض بأن تقول المرأة لست بحامل وهي حامل أو تقول لست بحائض وهي حائض لتبطيل (٩) حق الزواج من الولد والرجعة ، ثم عظم ذلك بقوله (إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ) أي يصدقن (بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) لأن المؤمن هو الخائف من ذلك الفعل (وَبُعُولَتُهُنَّ) جمع بعل ، وهو الزوج ، والتاء لتأنيث الجمع ، أي أزواجهن (أَحَقُّ) أي أحرى وأولى (بِرَدِّهِنَّ) أي برجعتهن (فِي ذلِكَ) أي في العدة وهي مدة ذلك التربص (إِنْ أَرادُوا) أي إن أراد الزوج والزوجة والولي بالرجع (إِصْلاحاً) بينهما وحسن المعاشرة ولم يريدوا مضارتهن (وَلَهُنَّ) أي وللنساء على رجالهن (مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ) للرجال من الحقوق (بِالْمَعْرُوفِ) أي بما عرف شرعا ، يعني لا يكلفن الرجال ما ليس لهن ولا يكلفهن الرجال ما ليس لهم في الشرع أو في عادة النساء من المهر والنفقة والحلي والتزين ، قال ابن عباس رضي الله عنه : «أحب أن أتزين لامرأتي كما تحب امرأتي أن تتزين لي» (١٠)(وَلِلرِّجالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) أي بعد اشتراكهما في اللذة لهم الفضيلة عليهن في المهر والنفقة والرجعة أو بالعقل والشهادة والقيام لمصلحتها (وَاللهُ عَزِيزٌ) بالانتقام عمن يعصي أمره (حَكِيمٌ) [٢٢٨] بالحكم بالرجعة في الطلاق الرجعي.
__________________
(١) اختصره المفسر من الكشاف ، ١ / ١٣٠.
(٢) لفظه ، ب م : لفظة ، س.
(٣) مطلق ، ب س : يطلق ، م ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ١ / ١٣١.
(٤) يصلح ، س م : يصح ، ب ؛ وانظر أيضا الكشاف ، ١ / ١٣١.
(٥) لكله ، ب س : بكله ، م.
(٦) «قروء» لحمزة وهشام في الوقف عليه إبدال الهمزة واوا وإدغام الواو قبلها فيها مع السكون المحض والروم وليس فيه نقل نظرا لزيارة الواو. البدور الزاهرة ، ٥٠.
(٧) ولم أجد له أصلا في المصادر التي راجعتها.
(٨) تكتم ، ب م : يكتم ، س.
(٩) لتبطيل ، س م : لتبطل ، م.
(١٠) انظر البغوي ، ١ / ٣٠٥.