وبذلك أصبحت الروايات المرويّة في تفسير العيّاشي مراسيل لا نعلم طبيعة سندها ، خصوصاً وأنّ كثرة روايته عن الضعفاء توجب تقوية احتمال كون الأسانيد المحذوفة مشتملة على الضعفاء.
وأثار ذلك نقاشاً حادّاً بين علماء الإمامية ، فقد أشار المجلسي في بداية كتابه بحار الأنوار إلى ذلك قائلاً : «وكتاب التفسير لمحمّد بن مسعود السلمي المعروف بالعيّاشي الشيخ الثقة الراوية للأخبار ، روى عنه الطبرسي وغيره ، ورأينا منه نسختين قديمتين ، وعدّ في كتب الرجال من كتبه ، لكن بعض الناسخين حذف أسانيده للاختصار وذكر في أوّله عذراً أشنع من جرمه»(١).
وعرض الشيخ المامقاني قدسسره موضوع الجرح والتعديل فقال : «قيل : إنّ بعض شرّاح التهذيب والاستبصار ـ والظاهر أنّه الشيخ المحقّق محمّد نجل الشهيد الثاني رضياللهعنه ـ قدح في توثيق العيّاشي بكونه في أوّل أمره عامّيّاً فلا يعلم أنّ الجرح والتعديل للرجال الذي ينسب إليه هل كان قبل التبصّر أو بعده»(٢).
وردّ الشيخ التستري في قاموس الرجال : «لو كان نقل خبراً عامّيّاً يكون معلوماً ولا مجال للالتباس»(٣).
ثمّ قال المامقاني : «هو تبصّرَ وعادَ إلينا ، وكان حديث السنّ ، ومن تبصّر وكان له سعة بقاء مدّة بعد الاستبصار والثقة فلا إشكال ، لأنّ وثاقته المتأخّرة تمنعه من إبقاء شيء من الكذب أو نحوه ممّا لا يجوز روايته ، ولا
__________________
(١) بحار الأنوار ١ / ٨ ، ٢٨.
(٢) رجال المامقاني (تنقيح المقال) ٣ / ١٨٣.
(٣) قاموس الرجال ٨ / ٣٧٧.