وقرئ : (سكرى) جمعاً كهلكى ، والسُّكر من السَّكْر بمعنى السدِّ ، قيل : المراد لا تقربوها وأنتم سكارى من خمر أو غيره حتَّى تعلموا ما تقولون. والنَّهي متوجِّه إلى الثَّمِل ، أي : الذي لم يزل عقله بعد.
وقيل : المراد النَّاعس. وقيل : المراد النهي عن السكر نفسه ، أي : لا تسكروا وأنتم مخاطبون بالصَّلاة.
وهما ضعيفان ..
أمَّا الأوَّل فلأنَّه خروج عن الحقيقة. وأمَّا الثاني فلأنَّ أكثر المفسِّرين قالوا : نزلت قبل تحريم الخمر عندهم. وأيضاً النَّهي هنا صريح عن قرب الصَّلاة لا السُّكر.
وقيل : المراد لا تقربوا مواضع الصَّلاة وهي المساجد ، وهو المرويُّ عن الصادق عليهالسلام(١) ، وهو الحقُّ. ويؤيِّده قوله تعالى : (إلاَّ عابري سبيل) ، إذ العبور حقيقة في الجواز المكانيّ.
فعلى الأوّل يكون قوله : (ولا جنباً إلاَّ عابري سبيل) أي مسافرين سفراً يقع فيه التيمُّم فتصلُّون كذلك.
وعلى الثَّاني : إلاَّ مجتازين في المساجد من غير استقرار ، وهو مذهبنا ومذهب الشَّافعيَّة(٢) ، خلافاً لأبي حنيفة فإنَّه منع الجواز إلاَّ إذا كان فيه الماء أو الطَّريق(٣).
وفيه دلالة على عدم جواز الاستقرار في المساجد ، وهو استثناء من
__________________
(١) تفسير القمي ١ / ١٣٩.
(٢) الاُم للشافعي ١ / ٥٤.
(٣) المبسوط للسرخسي ١ / ١١٨.