صدر المتألّهين وتفسير القرآن :
ومن علماء هذا القرن محمّد بن إبراهيم صدر الدين الشيرازي المعروف بصدر المتألّهين (ت ١٠٥٠ هـ) ، وكتابه تفسير القرآن الكريم في سبعة مجلّدات ، وهو تفسير مصبوغ بالصبغة الفلسفية الإشراقية العرفانية ، يتعرّض المصنّف لمعنى مفردات الآيات واختلاف القراءات وذكر الأقوال ونقدها. افتتح كتابه بمقدّمة حول الأسرار المتعلّقة بالقرآن على طريق أهل العرفان ، قال في بيان غرضه من التأليف : «على أنّي قد كنت برهة من الزمان متشوّقاً إلى إظهار معاني هذا القرآن ، فاستسعيت في مناهجها سوابق الأفكار واستقريت في مسالكها منازل الأبرار ، وكنت أشاور نفسي واُردّد قداح رأيي في أخذ هذا المرام وأقدّم رجلاً وأؤخّر أخرى في طرف السكوت والإعلام فلم ترجّح إلى أحد جانبي الإقدام والإحجام ، لكونه أمراً عظيماً وخطباً جسيماً أنّى لمثلي مع قلّة المتاع في المقال وقصور الباع فيما يتضمّن ذلك من علوم الأحوال ... إلى أن عنَّ لي نور الاستخارة مرّةً بعد أخرى بالإشارة ، وجدّد لي داعيةُ الحقّ كرّة بعد أولى في الإنارة بشعلة ملكوتية ، وآنستُ من جانب طور القدس ناراً لعلي آتيكم منها بخبر أو جذوة لعلّكم تصطلون»(١).
يقول في تفسير قوله تعالى : (قُلْنَا اهْبِطُوا مِنْهَا جَمِيعاً فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُمْ مِنِّي هُدىً ...) (٢) بعد أن يعرض معنى الهبوط إلى الأرض : «إشارة قرآنية : إنّ في الآية إشعاراً لطيفاً بأعجب أحوال الإنسان ، فإنّ من عجيب
__________________
(١) مفاتيح الغيب : ٣.
(٢) سورة البقرة ٢ : ٣٨.