أحواله أنّ مفارقته عالم القدس والرحمة وبُعده عن درجة المقرّبين وهبوطه إلى دار الدنيا كان صعباً عليه في أوّل الأمر بمقتضى صفاته الذاتية وفطرته الأصلية ، ولم يرضَ بالكون في هذا العالم بل استكرهه واستوحشه ، حتّى صدر الأمر بهبوطه مرّة بعد [أخرى ...] ومضت عليه برهة من الزمان نسى موطنه الأصلي وداره وأحبّاءه ... وألف هذا المنزل وتثبّط فيه وكره الخروج منه ، واستأنس بأهل الدنيا واستصعب مفارقتهم»(١).
وقد تعرّض هذا اللّون من التفسير ـ وهو التفسير الإشاري ـ إلى كثير من النقد باعتباره يخالف المنهج التفسيري العام المتّفق عليه بين الفقهاء ، فالتفسير الإشاري هو عبارة عن إشارة لفظ خاصّ يستدلّ به على معنى آخر يستبطن معناه في سياقه العامّ بحيث لا يوافق ظاهر الآية ولا يخالفه.
وترى صدر المتألّهين يشعر بذلك الخلل فيقول مخاطباً تلميذه : «ما رأيتَ من نقص وخلل لا تجد له محملاً صادقاً أو مخلصاً في زعمك موافقاً فإن كان من باب اللفظ مجرّداً فأصلحه كرماً وجوداً ، وإن كان من باب المعاني المطلوبة فذره في بقعة الإمكان ما لم يذدك عنه قائم البرهان»(٢).
إلاّ أنّ منهج صدر المتألّهين كان يتّخذ طريق التحليل العقلي للوصول إلى معنى الآية ، أي إنّه حاول استخراج المعاني القرآنية من القواعد العقلية.
الكاظمي ومسالك الأفهام :
مسالك الأفهام إلى آيات الأحكام ، للفاضل الجواد الكاظمي جواد بن
__________________
(١) تفسير القرآن الكريم ـ لصدر الدين الشيرازي ـ ٣ / ١٦٠.
(٢) تفسير القرآن الكريم ـ لصدر الدين الشيرازي ـ ٢ / ١٤٢.