المسألة الخامسة :
قد ثبت إنّ الله تعالى موجود ؛ لأنّه موجد ، وكلّ موجد موجود ، إذ الشّيء ما لم يُوجَدَ لم يُوجِدْ ، وإنّه الواجب بالذات فيستحيل عليه العدم مطلقاً(١) ، وإلاّ يلزم أن يكون الوجود عدماً ؛ لأنّه عين الوجود الواجب بالذات ، وهو مستجمع لجميع الصفات من الكماليّات والجلاليّات ؛ لاستغنائه عن غيره مطلقاً بالذات.
المطلب الثاني :
في صفاته(٢) الكماليّة التي هي ثبوتيّة سرمديّة عينيّة ، فإنّ كماله تعالى اتّصاف ذاته بوجودات تلك الصفات بالذات لا بملكات الصفات(٣) ، فتكون(٤) عين الذات ، بمعنى : إنّ آثارها تترتّب على الذات بأنّ يكون الذات منشأً لها من حيث الصفات لا من حيث الذات ، ولم يكن غير الذات ، كما زعمه الأشعري(٥) ، وإلاّ يلزم افتقار الذات إلى الغير في
__________________
(١) اي في حال الايجاد وغير الايجاد (منه قدسسره).
(٢) الصفة : كلّ أمر زائد على الذّات يدخل في ضمن العلم به أو الخبر عنه ، نفياً كان أو إثباتاً كان ، حالاًّ كان أو غير حالّ ، فعلاً كان أو نفي فعل. اُنظر : الحدود والحقائق للمرتضى : ١٦٥ ، التوحيد للماتريدي : ٤٤ ، أوائل المقالات : ٥٥ و ١٤٨ ، قواعد العقائد للطوسي: ١٣ ، اللّوامع الإلهيّة في المباحث الكلامية : ٧٣ ، شرح تجريد العقائد : ٣١٠ ، إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل ١ / ١٦٣ ، علم اليقين في أُصول الدين ١ / ٥٥.
(٣) ساقط من «ث».
(٤) في «م» : فهي عين.
(٥) الأشعري : هو علي بن إسماعيل بن أُسامة بن سالم ، أبو الحسن ، وهو من ولد أبي موسى الأشعري ، ولد في البصرة عام (٢٦٠ هـ / ٨٧٤ م) وتوفّي ببغداد عام (٣٢٤ هـ / ٩٣٦ م) مؤسّس المذهب الأشعري ، ويطلق على أصحابه بـ «الأشاعِرَة» ، والذي انشقّ عن مذهب الاعتزال وعاد إلى مذهب أهل السنّة والجماعة ، وكلّ الفرق السنيّة تأخذ برأي الأشعري في العقائد والطريقة ، وله الكثير من المؤلّفات. اُنظر : الملل والنحل للشهرستاني ١ / ٩٢ ـ ١٠٣ ، الأعلام ٤ / ٢٦٣ ، معجم المفسّرين ١ / ٣٥٤ ، طبقات الشافعيّة ٢ / ٢٤٥ ، وفيات الأعيان ١ / ٣٢٦ ، تاريخ بغداد ١١ / ٣٤٦ ، النجوم الزاهرة ٣ / ٢٥٩ ، البداية والنهاية ١٨٧١١.