مقدّمة :
إنّ العدل : تنزيه الله تعالى عن إيجاد القبيح والإخلال بالواجب(١).
تحقيق :
إنّ العقل الذي يعرف به الحقّ مفطور على نعمة الحسن ، فإنّ غاية إيجاده التمييز بين الحُسْنِ والقُبْحِ ليختار الحسن(٢) على القبيح ، ليمكن له أن يُحصِّلَ ما فيه مصلحته ، ولا يحصّل ما فيه مفسدة حتّى يتيسّر له تحصيل المعرفة الكاملة التي هي غرض المُوجِد في المصلحة حيث قال : (كنت كنزاً مخفيّاً) (٣) ، فالعقل بالذات ينفر من القبح ويفرّ إلى الحسن فيعلمهما بديهةً.
لكن لمّا كان الوهم معارضاً له فيهما وقد يغلب عليه في بعض أحوالهما فلابدّ لهما من كاشف ، وهما(٤) (٥) : إمّا كمالٌ ونقصانٌ ، أو ملائمةٌ ومنافرةٌ ، أو استحقاق مدح وثواب وذمٍّ ، وعقاب : عاجلاً وآجلاً ، وإنّما النزاع في عقليّة الأخرين ، ويكفينا تحقيقهما في ضمن تقسيمهما(٦).
__________________
(١) اُنظر في ذلك : الرسائل العشر : ١٠٣ و ١٠٥ ، شرح الأُصول الخمسة : ١٣٢ ، الحدود والحقائق للمرتضى : ١٦٨ ، مفتاح الباب : ١٥١.
(٢) في «ث» لم ترد.
(٣) قال : الله تعالى في الحديث القدسي : كنتُ كنزاً مخفيّاً فاحببتُ أن أُعرف فخلقتُ الخلق ؛ لأن أُعرف (منه قدسسره).
وفي رواية (لكي أُعرف). اُنظر : رسائل الشيخ الكركي ٣ / ٢٧ ، و ٣١ ، كشف الخفاء ومزيل الإلباس ٢ / ١٧٣ / ٢٠١٦ ، تفسير الكبير للرازي ٢٨ / ٢٣٤ ، تفسير ابن العربي ١٢٢٢ ، تفسير أبي المسعود ٢ / ١٣٠ ، شرح فصوص الحكم للخوارزمي : ٢٣٥ ، ٣٤٤ ، ٣٦٣ ، ٥٤٨ ، ٦٧١ ، ٦٩٧ ، ١٠٢١.
(٤) في «ك» : فلابدّ لهما من كاشف لهما وهما ، وفي «ث» : فلابدّ من كاشف لهما وهما ، وما أثبتناه من «م».
(٥) حسن وقبح (منه قدسسره).
(٦) في «م» : في ضمن التقسيم ، وما أثبتناه من «ث» و «ك».