فنقول : كلّ ما يقبل(١) الصدور ، إمّا أن ينفر منه العقل بالذات(٢) : فهو القبيح الحرام ، أو لا : فهو الحسن المرام ، وهو : إمّا أن ينفر من تركه فهو الواجب ، أو لا ، وهو : إمّا أن يرجّح فعله فهو المندوب ، أو تركه فهو المكروه ، أو لا ، فهو المباح.
فعُلم أنّ الحُسْنَ والقُبْحَ في الأفعال معروفان(٣) بالعقل مكشوفان بالشّرع(٤) ، وإلاّ لكان إثبات الحقّ والشّرع مستحيلاً لانتفاء الوثوق بحُسن ما يخبر بحسنه ، وقبح ما يخبر بقبحه ، خلافاً للأشاعرة(٥).
المقصد الأوّل :
إنّ العبد موجد لأفعاله بالاختيار ، بمعنى أنّه إن شاء فعل وإن شاء ترك(٦) ، لكنّه إذا شاء فعل إن شاء الواجب(٧) وإلاّ لم يفعل(٨) ، قال الله
__________________
(١) أي : فعل عن العبد (منه قدسسره).
(٢) في «م» لم ترد.
(٣) أي : معلومان.
(٤) اُنظر : كشف المراد : ٢٣٤ ، إحقاق الحقّ وإزهاق الباطل ١ / ٣٣٩ ، شرح تجريد العقائد : ١٩٧ و ٣٣٥ ، تلخيص المحصّل : ٤٥٢ ، المنقذ من التقليد ١ / ١٩١ ، شرح الأُصول الخمسة : ٣٠٢ ، وما بعدها ، المحيطُ بالتكليف : ٢٣٤ ، الاقتصاد بالاعتقاد : ٨٤ ـ ٨٧ ، الأربعين في أُصول الدين : ٢٤٦ ، البراهين في علم الكلام ١ / ٢٤٦ ، شرح الإشارات للطوسي ٢ / ٧ ، الذخيرة في علم الكلام : ١٠٥ ـ ١٠٦ ، تقريب الهدف : ٩٧ ـ ٩٩ ، شرح جمل العلم والعمل : ٨٥ ـ ٨٩ ، شرح المواقف ٨ / ١٨٢ ـ ١٨٣.
(٥) اُنظر : قواعد المرام في علم الكلام : ١٠٤ ، الكلّيّات : ١٥٣ ، النافع يوم الحشر في شرح الباب الحادي عشر : ٢٦ ، إرشاد الطّالبين إلى نهج المسترشدين : ٢٥٦ ، الأربعين في أُصول الدين للرازي ١ / ٣٤٦ ـ ٣٤٩ ، شرح المقاصد ٤ / ٢٨٢.
(٦) في «ث» : إنّه إن شاء فعل وإن لم يشاء لم يفعل ، وما أثبتناه من «م» و «ك».
(٧) في «ث» : لكنه إذا شاء فعل إن شاء الأوّل ، وما أثبتناه من «م» و «ك».
(٨) اُنظر في ذلك مثلاً : قول العلاّمة الحلّي قدسسره : اتّفقت الإماميّة والمعتزلة على «انّا