ففي تجريد الاعتقاد : وطريق معرفة صدقه ظهور المعجزة على يده ، وهو ثبوت ما ليس بمعتاد أو نفي ما هو معتاد مع خرق العادة ومطابقة الدعوة (١).
وقريب منه ما في مجمع البيان : وحاصله أن يأتي المدّعي لمنصب من المناصب الإلهيّة بما يخرق النواميس الطبيعيّة ويعجز عنه غيره شاهدا على صدق دعواه (٢).
وينبغي إضافة قيد التحدّي لهذين التعريفين لينطبق على موازين الحدّ التامّ المنطقي بداهة دخول الكرامة ونحوها في التعريف ، فلا يصبح حينئذ مائزا بين ما يظهر على أيدي الأنبياء والأولياء عليهمالسلام ، ولا يبعد أن تكون جميع هذه التعاريف ناظرة إلى أمر واحد وإن كان ربّما لم يستظهر من بيانها ، وهو أنّ المعجز أمر خارق للعادة وليس لضوابط العقل ؛ إذ لا يمكن الجمع بين النقيضين حتّى بالإعجاز لامتناع الموضوع.
وعليه فليس الإعجاز في تبديل الممتنع بالذات إلى ممكن ، بل هو اختصار مراحل الإمكان الاستعدادي للممكن بإرادة الله سبحانه ، أو بقوّة النبيّ المعنويّة التي منحها الله سبحانه إياه لإيجاده ؛ ولذا يسمّى خارقا للعادة ، فيمكن إثمار الشجرة غير المثمرة في آن ؛ لأنّ تحقّق الاثمار عادة يتوقّف على شرائط لا تتحقّق عادة إلّا بعد مضي زمان ، ولكن ربّما تحصل هذه الشرائط فورا بالإعجاز ، وهذا هو معنى خرق العادة أي المعتاد المألوف في الكون أو عند الناس.
هذا وهناك شروط أخرى ينبغي توفّرها في الإعجاز منها : مطابقة المعجزة للدعوى ، وأن لا يكون هناك من يعارض مدّعي النبوّة فيما يتحدّى
__________________
(١) تجريد الاعتقاد : ص ٢١٤.
(٢) مجمع البيان : ج ١ ، ص ١٥.