جعفر عليهالسلام قال : «يا أبا محمّد ، إذا سمعت الله ذكر قوما من هذه الأمّة بخير فنحن هم ، وإذا سمعت الله ذكر قوما بسوء ممّن مضى فهم عدوّنا» (١).
وفيه عن عمر بن حنظلة عن أبي عبد الله عليهالسلام سأله عن قول الله تعالى : (قُلْ كَفى بِاللهِ شَهِيداً بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ وَمَنْ عِنْدَهُ عِلْمُ الْكِتابِ) (٢).
قال : فلمّا رآني أتتبّع هذا وأشباهه من الكتاب قال : «حسبك كلّ شيء في الكتاب من فاتحته إلى خاتمته ، مثل هذا فهو في الأئمّة عنوا به» (٣).
وقد أشار الفيض الكاشاني (قدسسره) إلى بعض السرّ فيه في تفسيره ، فقال : إنّه لمّا أراد الله أن يعرّف نفسه لخلقه ليعبدوه ، وكان لم يتيسّر معرفته كما أراد على سنّة الأسباب إلّا بوجود الأنبياء والأوصياء ؛ إذ بهم تحصل المعرفة التامّة والعبادة الكاملة دون غيرهم ، وكان لم يتيسّر وجود الأنبياء والأوصياء إلّا بخلق سائر الخلق ليكون أنسا لهم ، وسببا لمعاشهم ؛ فلذلك خلق سائر الخلق ، ثمّ أمرهم بمعرفة أنبيائه وأوليائه وولايتهم ، والتبرّي من أعدائهم ، وممّا يصدّهم عن ذلك ، ليكونوا ذوي حظوظ من نعيمهم ، ووهب الكلّ معرفة نفسه على قدر معرفتهم بالأنبياء والأوصياء ؛ إذ بمعرفتهم إيّاهم يعرفون الله ، وبولايتهم إيّاهم يتولّون الله ، فكلّ ما ورد من البشارة والإنذار والأوامر والنواهي والنصائح والمواعظ من الله سبحانه فإنّما هو لذلك ، ولمّا كان نبيّنا سيّد الأنبياء ووصيّه سيد الأوصياء لجمعهما كمالات سائر الأنبياء والأوصياء ومقاماتهم مع مالهما من الفضل عليهم وكان كلّ منهما نفس الآخر صحّ أن ينسب إلى أحدهما من الفضل ما ينسب إليهم لاشتماله على الكلّ ، وجمعه لفضائل الكلّ ، وحيث كان الأكمل يكون الكامل لا محالة ؛ ولذلك خصّ تأويل الآيات بهما ، وبسائر أهل البيت عليهمالسلام الذين هم منهما ذرّيّة بعضها من بعض ، وجيء بالكلمة الجامعة التي هي الولاية فإنها مشتملة
__________________
(١) تفسير الصافي : ج ١ ، ص ٢٣ ـ ٢٤.
(٢) الرعد : ٤٤.
(٣) تفسير الصافي : ج ١ ، ص ٢٤.