إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩)
____________________________________
[٢٠] وبعد ما تقرر التوحيد والعدل أتى دور الدين الذي أرسله الله سبحانه إلى العباد (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) والدين هي الطريقة التي تؤمن السعادة للبشر دنيا وآخرة ، إنه عند الله الإسلام ، وإن كان عند غيره اليهودية والنصرانية والمجوسية وغيرها ، فإن الله سبحانه لم يرسل إلا الإسلام والإسلام هو دين الأنبياء جميعا فإنه عبارة عن تسليم منهج الأعمال إلى الله الذي خلق الكون وهو أعلم بالنظام السماوي له الذي إن تبعه البشر عاش سعيدا ومات حميدا ، وقد ذكرنا سابقا أن الاختلاف بين الأديان السماوية الواقعية في شرائط ومزايا لا في الجواهر والأصول (وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ) أي ليس اختلاف أهل الكتاب بعضهم مع بعض وجميعهم مع المسلمين (إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ) فعرفوا الصحيح من السقيم والحق من الباطل ، وإنما اختلفوا (بَغْياً) أي حسدا (بَيْنَهُمْ) فلم يقبل اليهود أن يرضخوا لعيسى عليهالسلام حسدا ، ولم يقبل النصارى أن يؤمنوا بنبي الإسلام صلىاللهعليهوآلهوسلم حسدا ، كما قال سبحانه (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ) (١) (وَمَنْ يَكْفُرْ بِآياتِ اللهِ) فلم يؤمن بها فلا يظن أنه ربح وتهنأ بدنيا باقية بل خسر وذهبت دنياه وآخرته (فَإِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) يحاسب الكفار
__________________
(١) النساء : ٥٥.