وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ وَما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ خاشِعِينَ لِلَّهِ لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ (١٩٩) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا
____________________________________
[٢٠٠] ثم يرجع السياق إلى أهل الكتاب الذين تقدّم أنهم يكفرون ويمكرون (وَإِنَّ مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ لَمَنْ يُؤْمِنُ بِاللهِ) يصدّق بوحدانيته ويعترف بما يعترف به المؤمنون (وَ) ب (ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ) من القرآن الحكيم (وَ) ب (ما أُنْزِلَ إِلَيْهِمْ) بخلاف سائر أهل الكتاب الذين لا يؤمنون بما أنزل إليهم إذ أنهم يحلّون ويحرمون ويخالفون كتابهم في أحكامه ، في حال كونهم (خاشِعِينَ) خاضعين (لِلَّهِ) سبحانه فيما أمر ونهى (لا يَشْتَرُونَ بِآياتِ اللهِ) أي بمقابل آيات الله ودلائله وبراهينه (ثَمَناً قَلِيلاً) كما كان يفعل ذلك رؤسائهم الذين كانوا يرتشون ويخفون الكتاب لئلا تزول رئاستهم (أُولئِكَ) الذين لهم هذه الصفات الخيرة من أهل الكتاب (لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ) يجازيهم بما فعلوا من الخيرات وآمنوا وصدقوا (إِنَّ اللهَ سَرِيعُ الْحِسابِ) فليس أجرهم بعيدا عنهم فإن أمد الدنيا ولو طال قليل كما قال الشاعر :
ألا إنما الدنيا كمنزل راكب |
|
أناخ عشيا وهو في الصبح يرحل |
[٢٠١] وأخيرا يتوجه الخطاب للمؤمنين وتنتهي السورة بهذه العظة البليغة (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا) على الإيمان والمكاره (وَصابِرُوا) أي غالبوا في الصبر ، ولعل المراد مصابرة الأعداء فكلما صبر الكفار زاد