لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (١٦٨) إِلاَّ طَرِيقَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً (١٦٩) يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ بِالْحَقِّ مِنْ رَبِّكُمْ فَآمِنُوا خَيْراً لَكُمْ وَإِنْ تَكْفُرُوا فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ
____________________________________
بالعصيان والناس بالحرمان عن طريق الهداية (لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ) إذا ماتوا على الكفر ، كما يظهر القيد من سائر الآيات (وَلا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً) والمراد طريق الجنة.
[١٧٠] (إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ) جزاء لما فعلوا من الكفر والظلم (خالِدِينَ فِيها أَبَداً) لا زوال للعذاب ولا انقطاع. وقد يتساءل البعض : ولم العذاب الدائم مقابل العمل الذي كانت له مدة محدودة له؟ والجواب : أن العذاب للشر الكامن الذي كان له مظهر ، وذلك باق أبدا ، ولذا قال سبحانه : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) (١) ، (وَكانَ ذلِكَ عَلَى اللهِ يَسِيراً) لقدرته الكاملة وسلطانه المطلق.
[١٧١] ثم خاطب سبحانه جميع الناس بوجوب الإيمان والتنكّب عن طريق الكفر بقوله : (يا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جاءَكُمُ الرَّسُولُ) محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم (بِالْحَقِ) أي مجيئه بالحق ، أو بالدين الذي ارتضاه الله لعباده (مِنْ رَبِّكُمْ) أي من طرفه وجانبه ، فربكم هو الباعث له. وفيه تأكيد لوجوب القبول (فَآمِنُوا) بما أتى به من الأصول ، وأتوا (خَيْراً لَكُمْ) أي خيرا تعود فائدته إلى أنفسكم (وَإِنْ تَكْفُرُوا) فلا تظنوا أن ذلك يضر الله تعالى (فَإِنَّ لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ
__________________
(١) الأنعام : ٢٩.