وَالْأَرْضِ وَكانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً (١٧٠) يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ إِلاَّ الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ
____________________________________
وَالْأَرْضِ) فلا ينقصه كفركم شيئا (وَكانَ اللهُ عَلِيماً) بمصالحكم ومفاسدكم ، فالرسول آت بما هو الصلاح لكم (حَكِيماً) في أمره ونهيه وتدبيره وتقديره.
[١٧٢] ثم توجه السياق إلى أهل الكتاب الذين تقدم الكلام عنهم ، لكن هنا يراد بهم النصارى فقط ، فقال سبحانه : (يا أَهْلَ الْكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ) الغلو : هو مجاوزة الحد والارتفاع ، ومنه «غلا في دينه» أي تجاوز الحد إلى الارتفاع ، فقد كان المسيحيون يقولون بتعدد الآلهة : الأب والابن وروح القدس ، ويريدون بالأول هو الله ، وبالثاني المسيح ، وبالثالث جبرائيل عليهالسلام (وَلا تَقُولُوا عَلَى اللهِ) أي لا تفتروا على الله بأن تقولوا : إن الله أمرنا بعبادة آلهة ثلاثة ، أو المعنى : لا تقولوا بالنسبة إلى الله ما ينافي عظمته من قولكم إن له شريكا (إِلَّا الْحَقَ) وهو أنه لا شريك له ولم يأمر إلا بذلك (إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ) قيل : إنما سمي بالمسيح لأنه كان يمسح الأرض ويسيح في البلاد ، و «عيسى ابن مريم» بيان لقوله «المسيح» يعني أنه ابن مريم ، لا أنه ابن الله ، و «رسول الله» خبر لقوله «المسيح» (وَكَلِمَتُهُ) أي كلمة الله ، وهذا تشبيه ، فكما أن المتكلم إذا قال القول ، حدث منه في الخارج شبه إلقاء ، كذلك الله سبحانه يلقي الأشياء إلى الخارج فهي كلماته ، ولذا يقال للمخلوقات «كلمات الله» و «إنما» هنا للحصر الإضافي مقابل النبوة والألوهية.