أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ سُبْحانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ
____________________________________
(أَلْقاها إِلى مَرْيَمَ) أي أوجدها في رحمها الطاهرة بدون زواج واقتراب من رجل (وَرُوحٌ مِنْهُ) سبحانه و «الروح» هي القوة ـ الطاقة ـ التي تتحرك وتحرك ، والمعنى : أن عيسى روح من قبل الله سبحانه ، ولذا يقال له : «روح الله» ، ومن المعلوم أن الإضافة تشريفية نحو : بيت الله.
(فَآمِنُوا بِاللهِ وَرُسُلِهِ) إيمانا صحيحا بالإذعان لوحدانيته ، وأنه لا شريك له ولا ولد ، وأن المسيح رسوله الكريم (وَلا تَقُولُوا) أيها النصارى أن الإله (ثَلاثَةٌ) أب وابن وروح القدس (انْتَهُوا) عن هذا الكلام البشع ، وأتوا (خَيْراً لَكُمْ) في دنياكم وآخرتكم من التوحيد والتنزيه (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ) لا شريك له فليس المسيح شريكا له في الألوهية ، فإن من كان له شريك لا يصلح أن يكون إلها إذ الشركة تلازم التركيب ، والتركيب يلازم الحدوث ، فإن كل مركّب لا بد له من مركّب وأجزاء سابقة ـ ولو رتبة ـ وما سبقه غيره ليس بإله (سُبْحانَهُ) أي أسبّحه سبحانه ، بمعنى : أنزهه تنزيها (أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ) كما قال المسيحيون من أن المسيح ابن الله ، فإنه لو أريد بالولد المعنى المتعارف مما يستلزم الولادة ، فإن ذلك من صفات الممكن لا من صفات الإله ، إذ لا يعتري الإله التغيير ، وإلا كان حادثا ، ولو أريد المعنى التشريعي كما يقول الشخص الكبير لبعض