يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ إِلاَّ ما يُتْلى عَلَيْكُمْ غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ
____________________________________
[٢] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) سبق أن الأحكام عامة ، وإنما يخاطب المؤمنون بها لكونهم المستفيدين منها (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ) «الجمع المحلّى بأل» يفيد العموم ، أي كل العقود و «عقود» جمع عقد ، وهو كل التزام وميثاق بين جانبين ، فتشمل عقود الناس بعضهم مع بعض والمعاهدات الدولية والمواثيق التي بين الله وبين خلقه ، وحيث كانت المواثيق بين الله والخلق أولى العهود بالوفاء ، ابتدأ بها بقوله سبحانه : (أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعامِ) فإن الحلال والحرام وسائر الأحكام عقود بين الله والخلق ، أن يعمل الخلق بالأوامر ويجزيهم الله عوض ذلك الجنة ، كما قال سبحانه : (فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بايَعْتُمْ بِهِ) (١) ، والبهيمة من «الإبهام» يراد بها كل دابة ، والأنعام هي الإبل والبقر والغنم وما أشبهها كالظبأ واليحمور ، وسميت بهيمة لأنها لا تميّز ، والأنعام من «النّعم» لأنها من نعم الله على الخلق ، والمراد ب «الحلية» الحلية ذبحا وأكلا وانتفاعا.
(إِلَّا ما يُتْلى عَلَيْكُمْ) أي يقرأ عليكم مما هو محرم وهو قوله سبحانه : (حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ) (٢) ، (غَيْرَ مُحِلِّي الصَّيْدِ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) حال من «أحلت» أي أن التحليل في حال كونكم لا تحلّون الصيد في حال الإحرام ، وهذا الحال استثناء يأتي بهذه الصورة كما تقول : «يجوز لك أن تتصرف في أموالي في حال
__________________
(١) التوبة : ١١١.
(٢) المائدة : ٤.