يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ
____________________________________
فأراد بنو قريضة المراجعة إلى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم في الحكم ليحكم لهم بحكم التوراة وقال «ابن أبي» المنافق الصديق لهم : إن حكم محمد بما ترضون ـ يريد خلاف حكم التوراة ـ فارضوا به وإلا فلا تقبلوه (١).
أقول : ومن المحتمل كون الآية إشارة إلى القصتين ، وعلى أي حال فالله سبحانه يسلّي الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم في مخالفة المنافقين واليهود له فقال سبحانه : (يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ) أي لا يوجب حزنك وغمك (الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ) أي يسرعون للدخول فيه بالقيام على خلافك وعدم قبول حكمك (مِنَ) المنافقين (الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ) جمع «فوه» بمعنى «الفم» أي أن إيمانهم لفظي وبمجرد الشهادتين ، لا عن قلب وعقيدة ، والمقصود ابن أبي كما تقدم (وَلَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ) بل بقيت على كفرها وضلالها.
(وَمِنَ الَّذِينَ هادُوا) أي اليهود والمراد بمسارعة اليهود في الكفر تركهم لأحكام التوراة وتمسكهم بالأحكام المخالفة لما أنزل الله فإنه كفر في مرتبة اليهودية وإن كان اليهود كفارا من أصلهم وبمقتضى بقائهم على اليهودية (سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ) أي هؤلاء اليهود ـ أو مع المنافقين ـ مبالغون في سماع الكذب وقبول ما يفتريه أحبارهم
__________________
(١) راجع مجمع البيان : ج ٣ ص ٣٣٦.