وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَلكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (٤٨)
____________________________________
الإنسان في حياته ليسير عليه ، وكأن وجه تقديم «جعلنا» على «منكم» أن المقام مقام الجعل ، لا مقام ذكر الأمم. وقد تقرر في علم البلاغة أن المقدم من الألفاظ هو الذي سيق له الكلام ، يقال : «زيد جاء» إذا كان المقام مقام ذكر زيد وأعماله ، ويقال : «جاء زيد» إذا كان المقام مقام ذكر الجائين. (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَجَعَلَكُمْ) أيها الأمم الثلاث (أُمَّةً واحِدَةً) بأن لا ينزل عليكم إلا كتابا واحدا ولا يرسل إلا رسولا واحدا (وَلكِنْ) جعلكم على شرائع مختلفة (لِيَبْلُوَكُمْ) أي يمتحنكم (فِي ما آتاكُمْ) أي فيما فرضه عليكم وأعطاكم وشرع لكم حتى يتبين من يقبل الرسول اللاحق ومن لا يقبل ، ومن يعمل بأوامره عملا تاما ومن لا يعمل (فَاسْتَبِقُوا) أيتها الأمم (الْخَيْراتِ) أي ليبادر بعضكم بعضا في تحصيل الخيرات والعمل بما أمر الله (إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ) ومصيركم (جَمِيعاً) أيتها الأمم. وإنما سمي «مرجعا» تشبيها للمعقول بالمحسوس ، وإلا فلا مكان لله سبحانه حتى يكون مبدءا ومرجعا (فَيُنَبِّئُكُمْ) أي يخبركم (بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) من أمور دينكم. وفي الإجمال ما لا يخفى من التهويل ـ كما يقول الملك لبعض رعيته : أعلمك بما صنعت ـ ثم يجازيكم حسب أعمالكم وعقائدكم.
[٥٠] ثم كرر سبحانه وجوب الحكم بين اليهود بما أنزل الله ، وقد كرر ذلك