وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ
____________________________________
عشر قرنا فإن اليهود والنصارى لم يزالا ينصر أحدهما الآخر على المسلمين على ما بينهما من العداء والبغضاء (وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ) أي يصادقهم وينتصر بهم ويجعلهم أولياء له (فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) فإنه كافر عملا ، من أهل النار ، وهو خطر على المسلمين ، فالذين تولّوا الكفار كانوا من أخطر الناس على المسلمين ، وكانوا في زمرة الكفار ينصرونهم وينتصرون بهم (إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) الذين يظلمون أنفسهم بعد ما علموا وعرفوا ، فإنه سبحانه لا يلطف بهم ألطافه الخفية.
[٥٣] وبعد هذا القرار الجازم ، الذي دل عليه منطق التاريخ السابق على الإسلام ، حيث أن كل موال لا بد وأن يكون هواه مع من يوالي ، لا مع مجتمعة ، والذي قد نهي عنه صريحا (فَتَرَى) يا رسول الله (الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ) أي شك ونفاق. قال ابن عباس : إن المراد بذلك عبد الله بن أبي ، أن عبادة بن الصامت الخزرجي أتى إلى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم فقال : يا رسول الله إن لي أولياء من اليهود ، كثير عددهم ، قوية أنفسهم ، شديدة شوكتهم ، وأنا أبرأ إلى الله ورسوله من ولايتهم ولا مولى لي إلا الله ورسوله. فقال عبد الله بن أبي : لكن لا أبرأ من ولاية اليهود لأني أخاف الدوائر ولا بد لي منهم.
ثم أنه شبّه النفاق بالمرض لأن كليهما موجب لانحراف الإنسان ، فالمرض يوجب انحراف مزاجه ، والنفاق يوجب انحراف سلوكه