يُسارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نادِمِينَ (٥٢)
____________________________________
المنبعث من انحراف روحه (يُسارِعُونَ فِيهِمْ) أي في تولي أهل الكتاب واتخاذهم أولياء ، ولعل الإتيان بلفظة «يسارعون» لإفادة أنهم يوالونهم قبل ظهور علائم الاحتياج إليهم «من هزيمة المسلمين» فإنهم يحتاطون باتخاذهم أولياء لئلا يأتي يوم يحتاجون إليهم ، وذلك أسوأ حالا ممن يوالونهم إذا ظهرت علامة هزيمة في المسلمين (يَقُولُونَ) أي قائلين لتبرير موقفهم (نَخْشى أَنْ تُصِيبَنا دائِرَةٌ) أي دوران الفلك الموجب لغلبة الكفار على المسلمين فإنا نتخذهم من الآن أولياء لنكون في أمان إذا دارت الدائرة (فَعَسَى اللهُ) أي لعل الله (أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ) للمسلمين بأن يفتحوا بلاد الكفار ويكون الغلب لهم على الكفار (أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ) غير الفتح من إعزاز المسلمين وتكثير عددهم وجلاء الكفار (فَيُصْبِحُوا) أي يصبح هؤلاء المنافقون الذين والوا الكفار خوف غلبتهم ودوران الدائرة على المسلمين (عَلى ما أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ) من موالاة اليهود وتمني الغلبة لهم. ولعل ذكر «أسروا» مع أنهم أعلنوا عن ولائهم خوف الدائرة ، لإفادة أنهم كانوا قد أسروا أشياء كثيرة في أنفسهم ، كما هو شأن النفاق والمنافقين (نادِمِينَ) وليس ندمهم من جهة الحق ، بل من جهة أنهم خسروا الطرفين ، طرف المسلمين لأنهم عرفوا نفاقهم ، وطرف الكفار لأنهم هزموا.