وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ (٥٣) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ
____________________________________
[٥٤] (وَ) إذ قسم الله الفتح للمؤمنين ، أو أتاهم بأمر من عنده (يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا) إيمانا صادقا ، يقولون متعجبين من نفاق المنافقين واجترائهم على الله بالأيمان الكاذبة : (أَهؤُلاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ) أي : هل هؤلاء المنافقون الذين انكشفت حقائقهم هم الذين حلفوا بالله (جَهْدَ أَيْمانِهِمْ) أي جهدوا جهد أيمانهم ، بمعنى : حلفوا بأغلظ الأيمان (إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ) أي مع المؤمنين في صدق الإيمان والمناصرة؟ كيف حلفوا بتلك الأيمان المغلظة ، وقد ظهر نفاقهم خلال المعركة الحاسمة الموجبة لترجيح كفة المسلمين؟ فإن النفاق لا يظهر جيدا إلا في المعارك والمخاوف. وهناك حيث عرف المسلمون حقيقتهم تعجبوا من إيمانهم المزيف ، وأيمانهم المغلظة الكاذبة التي أرادوا بها دعم إيمانهم وإدخال أنفسهم في زمرة المؤمنين (حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ) جملة مستأنفة ، أي أن المنافقين ضاعت أعمالهم الإيمانية بسبب النفاق ، أو : أنهم ضاعت مساعيهم في مصانعة الطرفين بسبب انهزام الكفار فلا ظهر لهم ، وكشف باطنهم للمسلمين فيتجنبون عنهم (فَأَصْبَحُوا خاسِرِينَ) دنيا وآخرة.
[٥٥] ثم بعد ما بيّن مضرّة النفاق ، توجه السياق إلى المؤمنين مبيّنا لهم أنهم إن ارتدوا فلا يظنوا أن ذلك يضر دين الله سبحانه فقد وكلّ الله بدينه في كل دور أناسا يقومون بشرائط الإيمان ، فالمرتد إنما يضر نفسه لا أنه يضر دين الله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ)