فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ
____________________________________
ارتدادا إلى الكفر ، أو إلى النفاق ، فإن انقلاب الباطن عن الإسلام هو نوع من الارتداد أيضا (فَسَوْفَ يَأْتِي اللهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ) فهو ذو صلة بهم وهم ذووا صلة به سبحانه. ولعل الإتيان بكلمة «سوف» لئلّا يظنون أن في تأخير الأمر انقطاعا وانفصاما للإيمان ، بل قد يتأخر مجيء الصلحاء بعد ارتداد قسم من الناس عن الإيمان (أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ) أذلة من «الذّل» بكسر الذال : ضد الصعوبة ، وقد يكون من «الذّل» بضم الذال : ضد العزة (أَعِزَّةٍ عَلَى الْكافِرِينَ) أي يكونون ليّنين على المؤمنين ، غلاظ شداد على الكافرين. وإنما كان ذلك مدحا لأن اللّين مع الكافر موجب لبقاء الكفر ، بخلاف إظهار الشدة الذي يوجب حصر الكفر على نفسه وانكماشه ، وعدم تعديه إلى المؤمنين الضعاف ، كما قال سبحانه في آية أخرى : (أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ) (١) ، (يُجاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ) لإعلاء كلمته (وَلا يَخافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ) فإن الجهاد يلازم لوم اللائمين من المؤمنين ومن الكافرين ، أما «من الكافرين» فواضح ، وأما «من المؤمنين» فلأن الآراء غالبا ما تختلف بسبب لوم بعضهم لبعض كما هو المشاهد المحسوس ، وكثيرا من الناس يمنعه الجهاد والإقدام لوم اللائمين لا صعوبة الجهاد.
وقد نزلت هذه الآية في علي أمير المؤمنين عليهالسلام وأصحابه الأكرمين ، وإن كانت عامة بحسب اللفظ ، كما هو شأن آيات القرآن غالبا.
__________________
(١) الفتح : ٣٠.