بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ
____________________________________
(بَلْ يَداهُ) أي يدا الله سبحانه (مَبْسُوطَتانِ) كناية عن جوده وعطائه ، وإنما جاء بذكر اليد للمقابلة ، وذكر «يداه» لإفادة تمام معنى الجود (يُنْفِقُ كَيْفَ يَشاءُ) فليس في تضييقه على اليهود دليل على أنه مغلول اليد بل إنما ينفق سبحانه كيف يشاء حسب الحكمة والمصلحة. ثم ذكر سبحانه أن نزول القرآن وفضحهم يزيد كثيرا من اليهود انحرافا (وَلَيَزِيدَنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ) أي كثيرا من اليهود ، وإنما لم يذكر كلهم لأن بعضهم لا يعنيه الأمر ، وبعضهم يسبب القرآن هدايتهم (ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ طُغْياناً وَكُفْراً) «ما» فاعل «يزيدن» و «كثيرا» مفعول مقدم أي طغيانهم وكفرهم يزداد بسبب القرآن ، أما أن كفرهم يزداد فلأنه كلما أنكروا آية وحكما ازدادوا كفرا وسترا للحق وأما أن طغيانهم يزداد ، فلأنهم يقاومون الدعوة أكثر فأكثر كلما رأوا تقدمها أكثر.
(وَأَلْقَيْنا بَيْنَهُمُ) أي بين اليهود (الْعَداوَةَ وَالْبَغْضاءَ إِلى يَوْمِ الْقِيامَةِ) فإن طبيعتهم المتخمرة بحب الذات واعتقاد أنهم شعب الله المختار وبخلهم في الأموال ، لا بد وأن توجد بينهم العداوة والحزازة ـ ما داموا يهودا يعتقدون بهذه الاعتقادات السخيفة ـ فإن أسباب النزاع في العالم يدور حول المنصب والمادة غالبا ، وهذان كامنان في كل يهودي ، وقد دل التاريخ على صدق ذلك ، فاليهود دائما متحاربون متباغضون ، حتى في فلسطين اليوم تقوم الأحزاب اليهودية والمنظمات