المدخل
كتاب كل عصر ومصر
قد اشتهر عند أتباع المستعمرين من المسلمين الجدد أصحاب الثقافات الشرقية والغربية ، أن القرآن لا يلائم العصر من جهة وجود أحكام فيه تصلح لعهد البداوة ، مثل قطع يد السارق وجلد الزاني ورجمه ، وتقرير الاستعباد والقصاص وحرمة الربا والمكس والحريات الكثيرة والأحكام الخاصة بالمرأة ، ومن جهة عدم وجود أحكام فيه يتطلبها العصر ، مثل أحكام السياسة والاقتصاد والأمن وما أشبه ذلك ، ثم قالوا بأن الإسلام حيث ينطلق من القرآن فالقرآن أيضا لا يصلح للعصر الحديث ، فاللازم فصل الدين عن الدولة ، وهذه الفكرة إن لم تعم كافة المثقفين فهي بلا شك تعم أكثرهم ، وحيث أن الاستعمار الفكري يستتبع الاستعمار العسكري ، فبلاد الإسلام تعيش في استعمار عسكري صريح أو مغلف ، والواجب الاهتمام لتغيير هذه الفكرة بمختلف وسائل التغيير ، فإن الله سبحانه (لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ) (١) (وَإِذا أَرادَ اللهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ) (٢) فإنهم إذا لم يغيروا ما بأنفسهم من أسباب الضعف والانحطاط أراد الله بهم سوءا إرادة تكوينية تابعة لخلق المسببات بعد أسبابها.
__________________
(١) الرعد : ١٢.
(٢) الرعد : ١٢.