والكلام حول رد هذه الإشكالات طويل نكتفي بالتلميح إليه فنقول : أما الجهة الأولى فيرد على إشكال قطع يد السارق ، أن الإسلام لا يقطع يد السارق إلا بعد توفير أوليات العيش المتوسط له ، وإذا وفر له أوليات العيش المتوسط فهل الأفضل أن يردعه ـ إذا سرق ـ بعقاب صارم يجعل المجتمع في أمن بعد توفر زهاء عشرين شرطا في السرقة يشترط بها القطع؟ أو أن يحبسه أو ما أشبه الحبس؟ مما لا يكون رادعا ، بل أحيانا يكون مشجعا كما لا يخفى على من طالع أحوال المجتمعات الغربية والشرقية.
وعلى إشكال جلد الزاني ، إن الإسلام لا يجلد إلا إذا اضطر ، وإذا عرفنا أن الإسلام يوفر المناخ الملائم للعفة برفع الاضطرار إلى اقتراف الجنس حراما ، كان زنى الرجل أو المرأة خرقا للعفاف الاجتماعي وتعريضا له إلى الانهيار في أقدس روابطه وهدما للعائلة ، وأيهما خير العقاب الصارم المناسب للذة الزنى ـ إذ الجلد إيلام يناسب ما اقترفه الزاني من الإثم ـ أو عقوبة خفيفة لا تسد هذا الباب الخطر؟
أما الرجم فهو للزاني المحصن ، وكل إنسان عاقل يعترف بأنه إذا كانت له زوجة يشبعها جنسيا ثم خانته كان اللازم إنزال أشد العقوبات بحقها ، وكذلك العكس وإلّا لزم انهيار المجتمع وانهدام العائلة وعدم الأمن وكثرة الطلاق وقلة النكاح واختلاط الأنساب وكثرة الأمراض الجنسية وتوسيع المجال للمستهترين ، إلى غيرها من المفاسد التي وقع فيها الشرق والغرب وقد رفع عقلائهم أصواتهم بوجوب وضع حد لهذه الاستهتارات.
وعلى إشكال تقرير الاستعباد ، إنه أفضل حل لمشكلة أسارى الحرب ، بعد الوضوح أن الإمام مخير بين الأسر وبين السجن وبين الفدية وبين الإطلاق كل منها حسب ما يراه من المصلحة ، فلنفرض أن المصلحة عدم القتل ، لأنه تضييع لقوى بناءة يحتاج إليها المسلمون ، وعدم السجن ، لأنه إرهاق لكاهل الدولة ، وعدم الإطلاق بمال أو بدون مال ، لأنه يخشى