ويغدو وفيرا رويا ، فإنّ ذلك مهما بلغ وكثر ولذ وطاب لا يسدّ حاجاته الأكبر والأوسع في تحقيق الآمال ، واللهفة إلى النجاح في مختلف شؤون الحياة ، بل لو لا الأمل والنجاح يصبح نهار الإنسان ليلا ، وحلوه مرّا ؛ لقصور الدنيا بما فيها من شهوات وغرائز ولذات ومطائب عن إشباع روح الإنسان وعقله وفكره ، فحتى تتمّ النعمة وتكتمل الحجّة ويتمّ البرهان كان لا بدّ من إشعال وقدة الأمل في قلبه ، وإنارة طريقه على المستقبل والغد الناجح الوفير ، فقال سبحانه : (وَكانَ حَقًّا عَلَيْنا نَصْرُ الْمُؤْمِنِينَ) (١).
وعلى خلاف ذلك ما سيلاقيه الكفّار المعاندون من أيام شديدة وساعات سوداء مدلهمّة ، ومنها قوله تعالى : (وَما أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ وَلا نَبِيٍّ إِلَّا إِذا تَمَنَّى أَلْقَى الشَّيْطانُ فِي أُمْنِيَّتِهِ فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). (٢) والمستفاد منها هو أنّ لكلّ رسول ونبيّ آية قد أحكمها الله تعالى وتولّاها بالحقّ والصدق والثبات في الموقف والغاية ، يمتنع عنها الريب ، ولا تخالجها شكوك الشيطان وتشكيكاته ، وهذه أيضا تضمّنت آيات الظاهر والباطن ، فالأولى تنسف خطط الشيطان ، وتعود بالناس إلى الإيمان ، والثانية تطمئن الرسل بمستقبل مشرق يعيش الناس فيه الإيمان بأصنافه وشعبه.
__________________
(١) الروم : ٤٨.
(٢) الحج : ٥٣.