تهدّد المنكرين الذين عاصروا الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم وعايشوه بمصير يشبه مصير السابقين في مواقفهم من الرسل ، وقد جمعت هذه الآيات مع الآيات التي في سياقها قبلا وبعدا بين الدلائل المادّيّة والمعنويّة ، فحيث تحدّثت ما قبلها عن آية الرياح وما لها من آثار هامّة ونافعة تقوم عليها حياة الناس حيث إنّها :
١ ـ تأتي لهم بالسحاب المثقل بالغيث الذي يسقي الأرض العطشى ، فينبت رزقهم وكلأ مواشيهم.
٢ ـ توازن حرارة الجو فتعطيهم برودة في المناطق الحارّة ودفئا في الباردة.
٣ ـ تنقي الهواء والفضاء من الأوبئة والغازات الضارّة.
٤ ـ تلقح الأشجار فتعطي ثمارها ، والأزهار فتعطي أريجها وجمالها ، وتنشر البذور من البيادر إلى الأراضي الجرداء فتغدو خضراء ممرعة ترعاها الأغنام والمواشي ، وتضفي على الحياة بهجة وروعة.
٥ ـ تحرّك الفلك والسفن في البحار والأنهار فتربط بين البشر ، وتجمع بين حاجاتهم واحتياجاتهم فيتكافلون ويتكاملون ويتعاونون ..
وغيرها من آيات وبراهين ودلائل تقوم عليها حياة الناس ، وتدلّ على سعة رحمة الله عزوجل وعميم فضله وخيره وعظم بركته ؛ ولذا قال سبحانه بعدها : (وَلِتَبْتَغُوا مِنْ فَضْلِهِ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (١).
وأمّا الدلائل المعنويّة التي هي أيضا من آثار رحمة الله وخيره وبركته فقد جاءت مقارنة لتلك لتشمل كلّ جوانب الإنسان ، وتسدّ كلّ احتياجاته الجسديّة والروحيّة ؛ إذ لا يكفي الإنسان أن يعيش ناعما ، يبات شبعانا ،
__________________
(١) النحل : ١٥.