لله لله» الذي يعيش تحت مظلتهما ، لا بد له من وضع قوانين لحياته ، وحيث أنها ليست مستندة إلى قوة أزلية لا تصلح للإسعاد «كما تقدم بيان ذلك» ، وهذا ثانيا.
وقد ظهرت آثار انهزام اليهودية والنصرانية في هذا القرن بما لا يرجى في بقائهما وإن حقنتا بآثار الحضارة الحديثة ، فالخشبة اليابسة لا تحيى ، وإن سقيت بألف كر من الماء.
وأما عدم تمكن فلسفة الشيوعية والرأسمالية من الصمود أمام الحياة ، فلأنهما أولا : ناقصتان من حيث عدم وفائهما بجانب الروح ، وإنما تتعرضان لجانب الجسد فقط ، ولذا كان الغرب القائل بالروح اضطر إلى التشبث باليهودية والمسيحية لأجل إملاء الروح ، ولكنهما لم ينفعاه أيضا ، لخواء ما فيهما من الروحيات ، وأسوأ الاثنتين هي الشيوعية التي لا تعترف بالروح أصلا.
وثانيا : لا يستمدان قوانينهما الجسدية من قوة أزلية ، وقد عرفت أن القانون المستمد من الإنسان ونحو الإنسان ، مترجرج ، ولا ينفع استقرار الإنسان وثقته.
أما أمثال القومية ، والبعثية ، والوجودية ، والديمقراطية والاشتراكية ، ونحوها ، فهي ليست فلسفات أصلا ، وإنما هي فكر منحرفة لبقعة صغيرة من بقع الحياة ، فالقومية معناها جمع القوم ، والبعثية معناها بعث القوم ، والوجودية إفراط في الفردية مقابل إفراط الماركسية في الدولة ، والديمقراطية حكم الشعب ، والاشتراكية توزيع قسم من الثروة ، ومن الواضح أن أيّا منها ليست فلسفة للحياة ، هذا مع الغض مما سبب جملة منها من المآسي للإنسان ، إذا .. لم يبق في الميدان إلا القرآن ، ففي أي وقت اجتهد حملته في إيصاله إلى العالم ، استقبله العالم بكل ترحاب ، كما استقبله العالم بكل حفاوة إبان ظهوره.