الإنسان الفرار من الألم كان لا بد له أن يتطلب فلسفة صحيحة ليدفع بها ألمه ، وينتهي به المطاف إلى فلسفة القرآن ، التي هي الفلسفة الصحيحة للكون والحياة ، بكلا شقي الحياة : الروح والجسد ، بالإضافة إلى أنها مستندة إلى الله سبحانه ، الذي لم يزل ولا يزال ولا تتبدل قوانينه (فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَبْدِيلاً وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّتِ اللهِ تَحْوِيلاً) (١).
إذا ثبت هذا قلنا : أمهات الفلسفات الموجودة في عالم اليوم خمسة :
١ ـ فلسفة الإسلام ، ٢ ـ فلسفة اليهود ، ٣ ـ فلسفة النصارى ، ٤ ـ فلسفة الرأسمالية ، ٥ ـ فلسفة الشيوعية ، وما عدا الإسلام من سائر الفلسفات ليست صالحة للحياة ، فلا تبقى إلا فلسفة الإسلام ، التي ينتهي البشر في آخر المطاف إليها.
ولذا قال سبحانه : (لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) (٢) فهو بالإضافة إلى كونه غيبيا ، يؤيده المنطق والبرهان.
أما عدم تمكن الفلسفة اليهودية والنصرانية من الصمود أمام الحياة ، فلوضوح أنهما مشوبتان بأبشع أنواع الخرافة ، والعقل إن سبت ساعة لا يسبت إلى قيام الساعة ، ولذا بمجرد أن ترجم كتابيهما بعض المترجمين ، وعرف الغرب والشرق ما يحتويان من الخرافة لفظوهما ، بالإضافة إلى أنهما كانا مصادر لمحاكم التفتيش وما أشبهها ، مما اصطدم بالعلم حين نهوض العلم ، فانسحبا عن الميدان بعد مجازر بشرية رهيبة ـ هذا أولا ـ بالإضافة إلى أن اليهودية والنصرانية لا تشتملان على قوانين الإنسان في معاملاته وأحواله الشخصية وسائر شؤونه ، بل منطقهما : «دعوا ما لقيصر لقيصر ، وما
__________________
(١) فاطر : ٤٤.
(٢) التوبة : ٣٣.