ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا
____________________________________
والعمل الصالح. ثمّ كرر سبحانه الجملة السابقة أي «اتّقوا وآمنوا وعملوا الصّالحات» بتعبير (ثُمَّ اتَّقَوْا وَآمَنُوا) بلا ذكر العمل الصالح و (ثُمَّ اتَّقَوْا وَأَحْسَنُوا) بلا ذكر الإيمان ، ولا يخفى أن الإحسان هو عبارة عن العمل الصالح. ولعل الوجه في التكرار إفادة الدوام في الصفات الثلاثة ، أي أن عدم الجناح مشروط «بالإيمان والتقوى والعمل الصالح» سابقا ، «وبالإيمان والتقوى والعمل الصالح» مستمرا فيما بعد ، وقد كررّ «التقوى» في الجملة الثانية لتأكيد أن كلّا من الإيمان والعمل الصالح لا ينفع بدون التقوى ، والذي يقرّب إرادة الدوام من الجملة الثانية دخول «ثمّ» فيها ، فاستمرار التقوى مع الإيمان ، واستمرار التقوى مع العمل الصالح ، شرط في عدم الجناح.
وهنا سؤال : إن ظاهر الآية «اشتراط عدم الجناح بالطعام ، بالإيمان والتقوى والعمل الصالح» وإذا فرضنا أن الطعام كان محللا ـ كما عرفت في شأن النزول ، إذ كانت الخمر لم تحرم بعد ـ فما معنى هذا الشرط؟ فقد كان شرب الخمر ـ قبل تحريمها ـ مباحا حلالا للمسلم والكافر ، فأي معنى لتقييد التحليل بالإيمان؟
والجواب : أن الشرط لا مفهوم له ، فليس المعنى «الجناح إذا لم يؤمنوا» إذ الشرط كما يساق غالبا لبيان المفهوم ، نحو «إن جاءك زيد فأكرمه» المفهوم منه «إن لم يجئك فلا تكرمه» يساق أحيانا لبيان تحقق الموضوع ، نحو : «إن رزقت ولدا فاختنه» فإنه لا مفهوم له ب «إن لم ترزق ولدا فلا تختنه» إذ أن «لم يرزق ولدا» يكون من السالبة بانتفاء الموضوع ، وإنما الجملة «إن رزقت» معناها : «يجب الختن للولد» ..