مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا
____________________________________
مخالفا لهواه مطيعا لأمر مولاه ، فللعوام أن يقلدوه» (١). وقوله عليهالسلام : «أما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا ، فإنهم حجتي عليكم وأنا حجة الله» (٢). أما الاختلاف بين الفقهاء في بعض الفروع فليس ذلك اختلافا يذكر ، بل هو كالاختلاف بين كل مهندسين ، أو طبيبين ، أو حاكمين ، مع إخلاص كل منهما واتحاد منهجهما.
ثم إنه قد يستغرب : كيف يكون مصير هذه الكثرة من الناس الذين ليسوا بمسلمين ، وكثير من المسلمين المنحرفين ، النار ، ومن يبقى للجنة إذا؟
والجواب : إن ما يستفاد من الآيات والروايات أن الخلود في النار إنما هو للمعاند ، ولا دليل على أنه لا يمتحن القاصر من البشر في الآخرة ليدخل الجنة ، بل دلّ الدليل على ذلك ، كما هو مذكور في علم الكلام. ومن المعلوم عدم كون أكثر الناس مقصرين معاندين ، إذا فليس بالبعيد دخول كثرة هائلة من البشر الجنة ، للإيمان وحسن العمل في الدنيا ، أو حسن الامتحان في الآخرة.
[١٦١] وإذ تقدم الكلام حول الجزاء يقرر السياق القاعدة العامة له وأنه (مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ) التاء إما للمبالغة ، وإما للتأنيث أي طاعة حسنة (فَلَهُ) من الثواب (عَشْرُ أَمْثالِها) على الأقل وإلا فقد يبلغ الثواب إلى (سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ) (٣) ، (وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ) في التاء القولان ، وإذا كانت للتأنيث فهي صفة «خصلة» (فَلا
__________________
(١) تفسير الإمام العسكري : ص ٢٩٩.
(٢) وسائل الشيعة : ج ٢٧ ص ١٤٠.
(٣) البقرة : ٢٦٢.