أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ (١٢) قالَ فَاهْبِطْ مِنْها فَما يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ (١٣) قالَ أَنْظِرْنِي إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ (١٤) قالَ إِنَّكَ مِنَ الْمُنْظَرِينَ (١٥)
____________________________________
(أَنَا خَيْرٌ مِنْهُ) أي من آدم ، فلا ينبغي للأرفع أن يسجد ويتواضع للأخفض ، ثم علل كونه خيرا بقوله : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ) أي خلقت آدم (مِنْ طِينٍ) والنار مضيئة والطين كدر. لكن قياسه كان باطلا إذ مجرد الإضاءة لا تكون سبب الأفضلية ، وإنما الأشياء بالكسر والانكسار ، وإعدام النار للأشياء بعكس الأرض المحيية لها جهة نقص فيها ، سبب لرفعة الأرض عليها ، بالإضافة إلى أن التواضع كان للآمر لا لآدم ، فمن أمر عبده بأن يحمل طبقا من طين على رأسه كان عمل العبد امتثالا للسيد لا تواضعا للطين.
[١٤] (قالَ) الله سبحانه لإبليس : (فَاهْبِطْ) أي اخرج خروجا انحداريا ـ إما منزلة أو حقيقة ـ (مِنْها) أي من الجنة (فَما يَكُونُ لَكَ) أي ليس لك حق (أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيها) أي في الجنة لأنها ليست موضع المتكبرين (فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ) من «الصغار» وهو «الذلة» ، فإنك ذليل في مقام قربنا ، حقير عندنا.
[١٥] (قالَ) إبليس لله سبحانه : (أَنْظِرْنِي) أي أمهلني لأن أبقى حيا (إِلى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) أي يوم القيامة الذي يبعث فيه الخلق للجزاء.
[١٦] (قالَ) الله سبحانه : (إِنَّكَ) يا إبليس (مِنَ الْمُنْظَرِينَ) أي من الذين يمهلون ولا يعجل لهم بالموت ، ولعلّ المراد بسائر المنظرين «الملائكة» ـ أي أنت أيضا مثلهم في الإمهال ـ ولكن من المعلوم أنه