أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ وَأَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ (٢٢) قالا رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا
____________________________________
أَنْهَكُما عَنْ تِلْكُمَا الشَّجَرَةِ) أي عن تناول هذه الشجرة ، فلما ذا أكلتما منها؟ (وَ) ألم (أَقُلْ لَكُما إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُما عَدُوٌّ مُبِينٌ)؟ أي عدو ظاهر ، فلم سمعتما كلامه؟
وهنا سؤال : كيف يمكن لمثل آدم النبي المعصوم عليهالسلام أن يترك قول الله سبحانه : (لا تَقْرَبا هذِهِ الشَّجَرَةَ فَتَكُونا مِنَ الظَّالِمِينَ) (١) ، ويأخذ بقول الشيطان القائل : (إِلَّا أَنْ تَكُونا مَلَكَيْنِ أَوْ تَكُونا مِنَ الْخالِدِينَ)؟
والجواب : إن الظلم هو وضع الشيء في غير موضعه ، ولعل آدم وحواء ظنا أن المراد بالظلم أن يكونا ملكين وبالأخص لما حلف الشيطان لهما ، فإنهما لم يكونا يحتملان أن أحدا يحلف بالله كاذبا ـ كما في الحديث ـ.
وقد تكرر استعمال الظلم لوضع الشيء غير موضعه ، وإن لم يكن فيه غضاضة أصلا ، كما قال سبحانه حكاية عن موسى : (ظَلَمْتُ نَفْسِي) (٢) ، ولعلهما ظنا أن الأصلح بحالهما أن يبقيا بشرا ـ حسب كلام الله ـ لكنهما شاءا الجائز ، كما يترك الإنسان كثيرا ما الأصلح لما يجده أوفق بحاله ، وهذا مما لا ينافي مقام العصمة إطلاقا.
[٢٤] (قالا) أي قال آدم وحواء عليهماالسلام : (رَبَّنا ظَلَمْنا أَنْفُسَنا) بارتكاب
__________________
(١) البقرة : ٣٦.
(٢) القصص : ١٧.