لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ (٩٥) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّداً
____________________________________
المحرم ، فقد ابتلي المؤمنين في عمرة الحديبية بكثرة الصيد في طريقهم إلى مكة وقد كان ذلك اختبارا من الله لهم ، أيّهم يطيع فيتجنب وأيّهم يعصي فيصيد؟!
وإنما كان ذلك الاختبار (لِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَخافُهُ بِالْغَيْبِ) أي بالسر والخلوة ، وبعيدا عن أعين الناس ، وقد تقدّم سابقا أن اختبار الله ليس لأنه لا يعلم ، وإنما لأجل أن يظهر معلومه ، ويتم الحجة كما أن «ليعلم» يراد به «ظهور معلومه» فإن العلم حيث كان من الأمور ذات الإضافة صح أن يكون السبب له انكشاف المعلوم للعالم ، وأن يكون وجود المعلوم في الخارج ، والمراد بالغيب ما غاب عن الحواس ، وهو إما بالنسبة إلى الله ، أو بالنسبة إلى سائر الناس أي في حال عدم رؤيتكم لله سبحانه ، أو عدم رؤية الناس لكم (فَمَنِ اعْتَدى بَعْدَ ذلِكَ) أي بعد النهي ـ المستفاد من الكلام ـ بأن صاد وخالف أوامر الله (فَلَهُ عَذابٌ أَلِيمٌ) مؤلم موجع.
[٩٦] (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَقْتُلُوا الصَّيْدَ وَأَنْتُمْ حُرُمٌ) أي في حال كونكم محرمين ، والمراد بالصيد كل وحش أكل أم لم يؤكل إلّا ما استثني ، و «حرم» جمع «محرم» ، يقال : أحرم الرجل إذا دخل في الحرم أو في الإحرام ، فالآية تدل على حرمة الصيد الحرمي ، والصيد الإحرامي ، كما أن ذلك ، عام للحج والعمرة (وَمَنْ قَتَلَهُ) أي قتل الصيد (مِنْكُمْ) أيها المحرمون (مُتَعَمِّداً) وهذا القيد لا مفهوم له ، لأنه من مفهوم