مِنْ كُلِّ شَيْءٍ مَوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ فَخُذْها بِقُوَّةٍ وَأْمُرْ قَوْمَكَ يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ (١٤٥) سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ
____________________________________
مكتوب فيها التوراة (مِنْ كُلِّ شَيْءٍ) مما يحتاج إليه الناس في أمور دينهم ودنياهم (مَوْعِظَةً) هذا تفسير لقوله «كل شيء» ، وهي عبارة عن التحذير عن القبيح ، والتبصير بمواقع الخوف (وَتَفْصِيلاً لِكُلِّ شَيْءٍ) أي بيانا وتوضيحا لكل أمر كانوا محتاجين إليه. ومن المعلوم أن المراد بيان الخطوط العامة للحياة الدينية ، لا كل جزئي جزئي ، وهذا هو المراد من قوله : (لا رَطْبٍ وَلا يابِسٍ إِلَّا فِي كِتابٍ مُبِينٍ) (١) ، لو أريد بالكتاب القرآن ، وهو المراد من قول الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : «ما من شيء يقربكم إلى الجنة ، إلّا وقد أمرتكم به ، وما من شيء يباعدكم عن النار إلّا وقد نهيتكم عنه» (٢) ، (فَخُذْها) أي الألواح (بِقُوَّةٍ) أي بجدّ واجتهاد ، والمراد بأخذها : العمل بما فيها ، كما قال سبحانه : (يا يَحْيى خُذِ الْكِتابَ بِقُوَّةٍ) (٣) ، (وَأْمُرْ قَوْمَكَ) أي بني إسرائيل (يَأْخُذُوا بِأَحْسَنِها) وهذا تحريض بالأخذ بالفضائل ، فإن الشريعة لها عرض كبير للأمور يبتدئ من الواجبات وينتهي إلى أكمل الفضائل وهذا من باب شدة الجذب بقصد الاعتدال ، كما يشد الحمل من جانب كثيرا ليعتدل (سَأُرِيكُمْ دارَ الْفاسِقِينَ) أي جهنم ، فاحذروا أن تخالفوا وتفسقوا حتى تكونوا منهم.
[١٤٧] (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ) أي أصرفهم عن الإيمان بها ، أو أصرفهم عن
__________________
(١) الأنعام : ٦٠.
(٢) راجع مستدرك وسائل الشيعة : ج ١٣ ص ٣٠.
(٣) مريم : ١٣.