الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَإِنْ يَرَوْا كُلَّ آيَةٍ لا يُؤْمِنُوا بِها وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِّ يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً ذلِكَ
____________________________________
النيل منها (الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) فعلى المعنى الأول : أن ذلك لكونهم تكبروا ، فلم يلطف بهم الله سبحانه لطفه الخفي بل صرفهم عن الإيمان وخلّى بينهم وبين إضلال الشيطان ، كما يصرف الإنسان ولده العاصي عن لطفه فلا يعتني بشأنه. وعلى المعنى الثاني : يكون المعنى حفظ الآيات عن الزيادة والنقصان كما قال سبحانه : (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) (١) ، والأول أقرب ، وقوله : (بِغَيْرِ الْحَقِ) ليس قيدا احترازيا ، بل لبيان أن التكبر لا يكون إلا بغير الحق ، نحو : (يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِ) (٢).
ثم وصف سبحانه أولئك بقوله : (وَإِنْ يَرَوْا) أي يرى المتكبرين (كُلَّ آيَةٍ) ومعجزة دالة على صدق الأنبياء وسائر الأمور الحقة (لا يُؤْمِنُوا بِها) حيث قد لجّوا في الفساد واستحوذ عليهم الشيطان (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الرُّشْدِ) أي طريق الهدى والحق ، الموجب للرشد والنمو العقلي والمادي ، فإن الرشد بمعنى النمو (لا يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) فلا يسلكوه (وَإِنْ يَرَوْا سَبِيلَ الغَيِ) أي طريق الغواية والضلال (يَتَّخِذُوهُ سَبِيلاً) لأنفسهم فيسلكوه (ذلِكَ) أي سبب صرفهم عن الآيات ـ على المعنى الأول ـ أو سبب اجتنابهم طريق الرشد واتخاذهم طريق الغي
__________________
(١) الحجر : ١٠.
(٢) البقرة : ٦٢.