وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ
____________________________________
بالحق ويعدلون في حكمهم. وهذا واضح ، فإن كل أمة انحرفت لا بد وأن يبقى فيها أناس معتدلون ، وكذلك كان قوم موسى عليهالسلام في زمانه وبعده إلى زمان الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكانوا إذا رأوا عيسى نبيا آمنوا به ، وإذا رأوا الرسول مبعوثا صدقوه واتبعوه ، لكن الكثرة الساحقة منهم لمّا كانت منحرفة ، كانت «عمومات الخطاب القرآني» تنصب عليهم ، فإن البلغاء غالبا يتكلمون حول الأمور بمراعاة الغالب ، فيقال : «أهل مدينة كذا حسان الوجوه ، أو قباح ، أو كرماء ، أو بخلاء أو جبناء ، أو ما أشبه» وهم يريدون الكثرة الغالبة ، لا الجميع.
[١٦١] (وَقَطَّعْناهُمُ) أي فرّقنا بني إسرائيل تفريقا قبيليا (اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً) كل فرقة منهم قبيلة تنتهي إلى سبط من أسباط يعقوب عليهالسلام فقد كان له اثني عشر ولدا ، كل ولد ولّد قبيلة (أُمَماً) بيان لاثنتي عشرة أسباطا ، فكل جماعة منهم أمة. وهذا من نعم الله سبحانه على بني إسرائيل لأن القبائل المتعددة تمشي أمورها بيسر بخلاف ما لو كان الجميع قبيلة واحدة ، فإن الرؤساء إذا تعددوا تنافسوا في المكارم ، وسهل مراجعة المرؤوسين إليهم ، كما قال سبحانه : (وَجَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَقَبائِلَ لِتَعارَفُوا) (١).
(وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ) أي طلبوا منه السقيا ، وأن يسقيهم ماء ، وذلك حينما كانوا في التيه (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ) وهو حجر كان معه فإذا أرادوا الماء وضعوه ، وضربه موسى
__________________
(١) الحجرات : ١٤.