مَنْ يُضْلِلِ اللهُ فَلا هادِيَ لَهُ وَيَذَرُهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (١٨٦) يَسْئَلُونَكَ عَنِ السَّاعَةِ أَيَّانَ مُرْساها قُلْ إِنَّما عِلْمُها عِنْدَ رَبِّي لا يُجَلِّيها لِوَقْتِها إِلاَّ هُوَ
____________________________________
أو بعد «محمد» صلىاللهعليهوآلهوسلم حيث تقدم قوله «ما بصاحبهم». وفي الكلام مجاز سواء عاد الضمير إلى القرآن ؛ لأن ليس كل القرآن حديثا وقصة وإنما فيه إنشاء ، أو الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لأنه صاحب حديث.
[١٨٧] (مَنْ يُضْلِلِ اللهُ) بأن يخلي بينه وبين الضلال ، لما سبق منه من الإعراض عن الحق (فَلا هادِيَ لَهُ) إذ الهداية منحصرة بالله سبحانه ، فإذا لم تشع الهداية من قبله فلم يكن للإنسان هاد سواه (وَيَذَرُهُمْ) أي يترك هؤلاء المعرضين الذين لا يتفكرون ولا ينظرون إلى الحق (فِي طُغْيانِهِمْ) وضلالهم ، كأنهم طغوا عن الحق (يَعْمَهُونَ) أي يتحيّرون ، فهم دائما متردّدون بين الحق والباطل ، حيث أن الضمير يناديهم لاتباع الحق ، وشهواتهم تمنعهم. وقد تقدم أن العمى في العين ، والعمه في القلب.
[١٨٨] ولما تقدم الوعيد بيوم القيامة ، الذي يسمى ب «الساعة» ، سأل جماعة عن وقت القيامة (يَسْئَلُونَكَ) يا رسول الله (عَنِ السَّاعَةِ) أي القيامة (أَيَّانَ مُرْساها) أي متى وقوعها ، من «رسا الشيء يرسو» إذا ثبت. و «المرسى» بمعنى المثبت ، أي متى وقت ثبوتها؟ (قُلْ) يا رسول الله في جوابهم : (إِنَّما عِلْمُها) أي علم الساعة (عِنْدَ رَبِّي) فهو وحده يعلم وقتها (لا يُجَلِّيها) أي لا يكشفها. الظاهر أن المراد : لا يأتي بها (لِوَقْتِها) أي حين يكون وقتها (إِلَّا هُوَ) تعالى ، فعلمها عنده ، ووقتها عند إرادته ، وإنما لم يكشف الله سبحانه عن وقتها لخلقه